Site icon IMLebanon

تيلرسون والأسد.. مجدّداً!

 

بغضّ النظر (إذا أمكن) عن «موعد» ترجمة الموقف الأميركي الرافض لبقاء رئيس سوريا السابق بشّار الأسد في مكانه الخشبي كشرط واجب ولازم وحتمي لإتمام أي تسوية فعلية للنكبة السورية.. فإن تكرار ذلك الموقف على لسان وزير الخارجية ريكس تيلرسون ثم من قِبل المندوبة الدائمة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، يعني بداهةً، أنّ واشنطن تعرف الصحّ وتجهر به، وتضع سقفاً لأي حل لا يمكن أي طرف معني، أن يصعد فوقه!

سبق أن ردّد تيلرسون الموقف ذاته أكثر من مرّة، أبرزها غداة زيارته الأولى إلى موسكو بعد تعيينه في منصبه.. وحاولت القيادة الروسية آنذاك ثمّ لاحقاً، أن تبخّس ذلك الموقف من خلال تكرار المعزوفة البلفية القائلة بأنّ «مصير» الأسد «يقرّره الشعب السوري».. ثم «التذكير» بأنّ الرئيس دونالد ترامب سبق أن قال إن همّه «الوحيد» هو القضاء على الإرهاب الداعشي، وأنّ ذلك يعني عدم اكتراثه بمن يحكم سوريا!

لكن يتبيّن من جديد، أنّ الترجمة الروسية لموقف ترامب تعوزها الدقّة وتطغى عليها التمنيات أكثر من الحقائق.. وعودة تيلرسون ثم هايلي إلى توضيح الأمر يؤكد ما سلف، ويُعيد ربط ما حاول السيّئ الذكر باراك أوباما تفكيكه في أمرين مركزيَّين. الأول أنّ الانتصار في الحرب على الإرهاب يستدعي تعطيل المغناطيس الجاذب له، أي حكم الأسد في سوريا، وتحقيق التوازن في حكم العراق. والثاني، أنّ هذين الشرطَين يستدعيان منطقيّاً وحسابيّاً تقويض نفوذ إيران، وليس العكس.

تعرف موسكو ذلك، لكنها تكمل السير في اتجاه آخر أساسه محاولة إرضاء جميع المعنيين بالنكبة السورية، وذلك يعني أي شيء إلّا الوصول إلى تسوية أكيدة! وهذه غير ممكنة مع الأسد، ومستحيلة في ظل بقاء النفوذ الإيراني، حتى لو تمّ القضاء التام على الحيّز الجغرافي للإرهاب مثلما هو متوقّع قريباً في دير الزور السورية ومنطقة القائم العراقية.

كثرة تعقيدات الوضع السوري لا تلغي وضوح الموقف الأميركي، ولا تغيّب المنطق فيه. والظاهر (حتى الآن!) أنّ الرهان على عدم الصدقية، أو الاستمرارية في أداء الإدارة الراهنة في البيت الأبيض، لم يكن في محلّه. بل العكس هو الذي يراه العالم أجمع وخصوصاً إزاء إيران وسياساتها وتمدّداتها وإزاء الحرب على الإرهاب.. وصولاً إلى «قضية» كوريا الشمالية!

وقياساً على ذلك، يصحّ الظنّ بأن الموقف من الأسد ليس عارضاً ولا عابراً، لا في ذاته لجهة استحالة أيّ حل سوري في وجوده، ولا في ارتباطاته الأوسع مدى لجهة كونه أحد رموز نفوذ إيران المطلوب تقويضه، وأحد عوامل الجذب للإرهاب المطلوب القضاء عليه.

.. التشكيك بالاستمرارية في السياسة الأميركية له مسوّغات كثيرة. جزء أساسي منها آتٍ من موروثات النزاع العربي – الإسرائيلي وبقاء الوضع على حاله دون الحل الأخير برغم تعدّد الإدارات وتعاقبها وتكرار المواقف المتحدّثة عن عملية السلام و«حلّ الدولتين» (وهو ما لم تكرّره إدارة ترامب بالمناسبة!).. لكن، (وهذه كبيرة) هناك مقدّمات عملية ملموسة تشي وتفصح بأداء مختلف من قبل الإدارة الحالية، وتؤكد جدّيتها في ترجمة مواقفها على الأرض.. ومن ذلك التشديد على أن لا مستقبل لآل الأسد في حكم سوريا!