Site icon IMLebanon

تيلرسون: المتعجرف مكان كيري المستسلم

انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، مثّل صدمة للعالم. مواقفه المتطرفة من الهجرة والإسلام والمرأة واستعداده لعدم التزامه باتفاقية باريس حول التغيير المناخي والانغلاق التجاري على أوروبا والصين، كانت موضوع قلق بالغ.

اختياره أمس ريكس تيلرسون رئيس «اكسون موبيل» العملاقة النفطية كوزير خارجية الولايات المتحدة ورجل المال ستيف منوشين يشير الى أن أولويته ستكون في الاقتصاد والمال والأعمال قبل أي ملف دولي عالمي. وتلرسون عمل لمدة أربعين سنة في «اكسون موبيل». وفور تعيينه، أشارت الصحف الى أنه صديق لفلاديمير بوتين. ومعروف أن لاكسون استثمارات في روسيا ومن الطبيعي أن تربط تلرسون، الذي أمضى أربعين عاماً في الشركة، علاقة جيدة بالرئيس الروسي مثلما كانت وما زالت تربط رؤساء «توتال» الفرنسية ببوتين. حتى إن رئيس توتال الراحل كريستوف دو مارجوري توفي في حادث طائرة خاصة على الأرض الروسية حيث كان بوتين صديقاً له. واكسون عقدت تحالفات في القطاع النفطي في روسيا أفشلتها العقوبات على روسيا، مما قد يشير الى تساهل أكبر مع الصديق الروسي على هذا الصعيد. حتى ولو أن تعيينه كوزير خارجية أميركا لا يعني بالضرورة أنه سيتصرف كرئيس شركة اكسون. وريكس تلرسون يعرف العالم العربي وخصوصاً الخليجي منه جيداً. فكانت لـ «الحياة» فرصة أن تراه مرات عدة في لقاءاته مع وزراء النفط العرب. والمرة الأخيرة كانت خلال مؤتمر المال والنفط في لندن حيث كان جالساً الى طاولة وزيري الطاقة السعودي خالد الفالح ونائبه الأمير عبدالعزيز بن سلمان والقطري عبدالله حمد العطية. وزار قطر منذ نحو أسبوعين والتقى وزيرها للنفط محمد السادة، كما زار الإمارات مرات عدة والتقى قياداتها. فتلرسون له معرفة واسعة بمسؤولي قطاع النفط في هذه الدول كما قياداتها من ملوك وأمراء. لكن المعروف عنه في أوساط الصناعة النفطية العالمية أنه لا يتحلى بصفات الديبلوماسية التقليدية. فوصفه أحدهم لـ «الحياة بأنه جامد في التعامل، مضيفاً أن ذلك قد يكون جيداً للولايات المتحدة ولكنه لا يناسب العمل الديبلوماسي. ووصفه أحد منافسيه السابقين في الصناعة النفطية بأنه متعجرف وفج واستغرب كثيراً تعيينه رئيساً للديبلوماسية الأميركية لأنه قال انه بعيد كل البعد عن الليونة.

ولكنّ المسؤولين العرب الذين يعرفونه امتنعوا عن أي تعليق أو تقييم لأدائه. في خطابه في مؤتمر المال والنفط في لندن، لفت الى أهمية عمل شركته لتقليص الانبعاث الحراري واقتصاد الطاقة بتطوير تقنيات جديدة، مما يشير الى انه قد يشجع الرئيس المنتخب على العدول عن التراجع عن تأييد اتفاقية باريس للتغيير المناخي التي وقعها باراك اوباما. ومن السابق لأوانه تقييم وزير الخارجية الأميركي الجديد ولكن المعلومات عن شخصيته ليست مما يدفع الى التفاؤل. في المقابل، فإن ديبلوماسية سلفه جون كيري لم تكن ناجحة لتستحق الأسف على غيابه. فكيري كما اوباما تنازل عن الكثير في مفاوضاته مع نظيره الروسي سيرجي لافروف واوباما لبوتين علماً أن التوتر يشوب علاقة الشخصيتين.

إن سياسة اوباما في الشرق الأوسط من سورية الى العراق والقضية الفلسطينية وايران كانت لها نتائج سلبية كثيرة، خصوصاً في ما يخص سورية والعراق. فاوباما سلم العراق الى ايران عندما سحب القوات الأميركية ثم سلم سورية لروسيا. فماذا بعد أسوأ من ذلك مع ترامب. لا أحد يعرف مع وزير خارجية جديد جامد ومتعجرف كما وصفه البعض الى أين تصل الديبلوماسية الأميركية الجديدة هل الى الأسوأ أو كما هي. ستكشف لنا الأشهر المقبلة إذا كانت صدمة العالم لانتخاب ترامب في محلها.