التحذيرات الأميركية من سيطرة «حزب الله» وزيارة الغريب إلى دمشق
السؤال الكبير: هل تدخل البلاد في دوّامة الخلافات وتضيع معها الفرصة الأخيرة التي تراهن عليها الحكومة؟
يلتئم مجلس الوزراء اليوم، في أوّل جلسة تعقدها حكومة «الى العمل» بعد نيلها الثقة النيابية بأكثرية كبيرة، وقد خلا جدول أعمالها الفضفاض من أي من البنود الأساسية التي تعهدت بها امام السلطة التشريعية والرقابية وكأنها بذلك تعترف بأنها ما زالت في مرحلة التحضر لهذه الملفات، بالرغم من الحاجة الملحة للذهاب إلى مرحلة العمل السريع الذي تحتمه عليها طبيعة الأوضاع الداخلية البالغة السوء على كل الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمالية فضلاً عن السياسية التي تشكّل بدورها عنصراً ضاغطاً عليها بعد التحذيرات الأميركية لها من سيطرة «حزب الله» عليها، كما نقلتها السفيرة الأميركية في لبنان إلى الرئيس سعد الحريري بعد أقل من أسبوع على تشكيل الحكومة، ونيلها ثقة المجلس النيابي وبعد الخرق الفاضح للتضامن الوزاري الذي سجله وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب بتلبيته دعوة حكومة النظام السوري واللغط الذي اثارته هذه الزيارة على الصعيد الداخلي، ومن جانب مصادر رئيس الحكومة الذي له موقف معروف من تطبيع العلاقات مع هذا النظام، الأمر الذي جعل الأوساط السياسية لا تستبعد ان يستأثر هذان الموضوعان بجانب واسع من النقاشات داخل مجلس الوزراء ويكونان بذلك قد دقا أوّل اسفين في التضامن الوزاري الذي وعد به رئيس الحكومة.
وتُشير معلومات هذه الأوساط إلى ان وزراء «القوات اللبنانية» ووزيري الحزب التقدمي الاشتراكي لن يتركوا جلسة مجلس الوزراء تمر من دون ان يثيرا هذين الموضوعين من خارج جدول الأعمال العادي، ما من شأنه ان يفتح ملف سياسة النأي بالنفس التي التزم بها كل أعضاء الحكومة فعلاً لا قولاً إلى جانب ملف علاقات لبنان بالخارج.
وتبعاً لهذه المعلومات في حال كانت صحيحة، يصبح مرجحاً ان تسجل هذه الجلسة تراجع التفاهم حول السياسة التي تعتمدها الحكومة ومعه تراجع الأمل الذي يعلقه اللبنانيون على حكومة «إلى العمل» وتدخل البلاد مجددا في دوّامة الخلافات على الخيارات الكبرى ما من شأنه في حال حصوله أيضاً ان يحول حكومة «إلى العمل» إلى حكومة الاشتباك السياسي الذي يفضي إلى مزيد من الشلل وإلى ضياع الفرصة الأخيرة التي تراهن عليها هذه الحكومة للانقاذ ومواجهة كل التحديات الداخلية والضغوطات الخارجية التي دخلت على الخط من خلال الولايات المتحدة الأميركية، ومن خلال تجاوز وزير الدولة لشؤون النازحين سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة في بيانها الوزاري والتي يتمسك بها رئيس الحكومة وحليفاه القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، ويعتبرون ان أي تجاوز لها من أي فريق داخل الحكومة من شأنه ان يضرب التضامن الحكومي، ويعيد البلاد إلى حالة الانقسام التي سبقت الانتخابات النيابية الأخيرة، وأحدثت جراحاً عميقة في جسم الدولة، واوصل الحالة إلى ما وصلت إليه اليوم من التردي على كل الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمالية فضلاً عن الاضرار الفادحة التي لحقت بعلاقاته مع الخارج.
غير ان أوساط القصر الجمهوري تستبعد ان يخرج مجلس الوزراء في مناقشاته عن جدول أعماله المقرّر سلفاً، وتعتبر ان ما اثير حول زيارة وزير شؤون النازحين الى دمشق أمر مبالغ فيه خصوصاً وان المسؤولين وضعوا مسبقاً في أجواء هذه الزيارة الشخصية والتي تدخل في إطار الخط المفتوح مع النظام السوري عبر مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لتسهيل عودة النازحين الآمنة والطوعية إلى سوريا، وهي لا تشكّل بأي شكل من الاشكال احراجاً لسياسة النأي بالنفس التي التزمت بها الحكومة في بيانها الوزاري.
وبالنسبة إلى الموقف الأميركي من سيطرة «حزب الله» على الحكومة، والذي نقلته السفيرة الأميركية إلى رئيس الحكومة، تعتبر هذه الأوساط بأنه ليس بالأمر الجديد على الحكومة الأميركية، ولا يجب ان يُعطى من الأهمية أكثر من حجمه.