IMLebanon

وقت التأليف كالسيف…

 

لا يزال التأرجح بين أربعة وعشرينية أو ثلاثينية لتركيبة الحكومة، ولا تزال كرة مسؤولية التعطيل تنتقل من ملعب لآخر، من دون أن تلوح في الأفق إمكانية للتوصّل إلى اتفاق يسهل إعلانها قريباً… ولكن تبقى لكل فريق أسبابه في العرقلة، ويبقى الوطن والمواطن الضحية الأولى لانعدام المسؤولية في معالجة معضلة الوزارات، وكأن هذه الحكومة الانتقالية هي التي سوف تحدّد الأحجام ودوائر القوة عند كل جهة. فلم يعد فريق العهد يحاول تأمين انطلاقة قوية وسريعة بقدر ما يحاول فرض إرادته والتدخل بتفاصيل التشكيلة، أما حلفاؤه، فجزء منهم بات «خصوم»، والجزء الآخر يحاول ترسيم حدود قوة الرئيس حتى لا يتجاوز أسس تحالفاته التي أوصلته إلى الرئاسة.

أمّا حصة الدروز، وحصرية التمثيل المسيحي، فلا تزال مواد أخذ وردّ… والمخزي في هذا المهرجان كلّه تداول كلمات كالحلفاء والخصوم والتمثيل الطائفي ومصلحة الطائفة، ولم يذكر مرّة مصلحة الوطن، الإسراع باطلاق ورشة محاربة الفساد، استثمار التوافق لإنعاش الاقتصاد، استكمال خطوة الإخوة العرب لإعادة العلاقات أفضل مما كانت… حتى اليوم، يأتي الغطاء الطائفي عند كل فضيحة فساد تكشف للعلن، وكل نصر يجيّر للمذهب، ولا ينقص مفهوم الدويلات إلى التفاهم على حدودها الجغرافية وتكريس مكاسبها المادية، فأي وطن وأية جمهورية وبأي ديمقراطية نحلم؟

إذا كانت ترجمة التوافق الضمني الذي أنهى الشغور الرئاسي وسهل تكليف الرئيس الحريري يواجه كل هذه الصعوبات في إعلان حكومة وحدة وطنية، فكيف السبيل لإقرار قانون انتخابات ينهي عصراً من القوانين البالية والتي لا تمثل تطوّر المجتمعات ولا تطلعات أبنائها اليوم؟

إن ظهور العقد في أماكن مختلفة بعدما تم حل عقدة المردة عبر تسوية الرئيس برّي، إنما تظهر الفساد في عينه حيث يطالب كل فريق بحقيبة على مقاسه وتخدم مصالحه المادية والشعبية! ولا تفسير لهذا التسويف في إعلان الحكومة سوى وضع الانتخابات النيابية تحت سياسة الأمر الواقع من خلال استنفاد المهل الدستورية الواجبة لإقرار قانون حديث، فهل حُكم على اللبنانيين أن يكونوا أسرى نارين لا ثالث لهما، إما التجديد لمجلس نواب باتت الهوة بينه وبين جمهوره سحيقة، أم بإجراء انتخابات فولكلورية بقانون يمثل حقبة سوداء في تاريخ الجمهورية الديمقراطية يحلم اللبنانيون بطيّها إلى غير رجعة؟!