IMLebanon

عامل الوقت يضغط بقوّة على أطراف الداخل لتجاوز أزمة استقالة الحكومة

تفاعل الصراع الإقليمي يُنذِر بتداعيات يُخشى انعكاسها سلباً على مساعي التسوية المطلوبة

عامل الوقت يضغط بقوّة على أطراف الداخل لتجاوز أزمة استقالة الحكومة

 

لا يمكن الركون إلى  التوقعات الإيجابية، إلا في حال أُنجزت التسوية بصورة كاملة  وتم تطبيقها على الأرض عملياً

 

مع اقتراب مهلة التريث التي وافق عليها رئيس الحكومة سعد الحريري كمخرج مؤقت لمعالجة مشكلة استقالة الحكومة من النفاذ، يبدو ان عامل الوقت أصبح ضاغطاً على جميع الأطراف المعنيين بأزمة الاستقالة للإسراع في إنجاز اتفاق التسوية المطلوب لإنهاء مشكلة الاستقالة وهو الاتفاق المرتكز على النقاط الثلاث التي تمّ الإعلان عنها أكثر من مرّة واولها تحييد لبنان عن الصراعات الدائرة بين العرب والايرانيين في أكثر من دولة عربية وعدم استعمال لبنان كمنصة للتدخل أو استهداف الدول العربية الشقيقة والالتزام بتطبيق اتفاق الطائف، لأنه في حال طالت فترة التريث أكثر مما هو متوقع، فهذا سيؤدي حتماً إلى تعقيد أزمة الاستقالة ويمهد لدخول لبنان في أزمة سياسية حادّة قد تنعكس سلباً على الأوضاع عامة ولا يبدو ان هناك مصلحة لأي طرف في نشوب مثل هذه الأزمة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية عموما.

وبالرغم من إيجابية المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية مع مختلف الأطراف السياسيين كما عبّرت بذلك المواقف العلنية الصادرة عنها وصدور مواقف متفائلة عن الرؤساء الثلاثة تعمم اجواء التفاؤل بقرب انتهاء مشكلة الاستقالة، لا بدّ من التريث وانتظار نتائج الاتصالات والمشاورات الجارية بشكل غير معلن بالداخل والخارج معاً لتقصي ومعرفة مواقف جميع المعنيين بهذه المشاورات، وعما إذا كانت تُسَهِل وتدعم التسوية المطلوبة، أو ان بعضها ما يزال يعرقل ويضع العصي في طريقها لغايات ومصالح خاصة لا سيما وأن هناك خشية ومخاوف من استمرار استعمال لبنان كساحة لحساب ومصالح بعض هذه الدول.

ولا شك فإن إطالة أمد فترة التريث لمدة غير معلومة، وتلكؤ بعض الأطراف والدول المعنية في الإعلان عن عدم وتأييد التسوية المطروحة في ظل احتدام الصراع الدائر حالياً في اليمن أو سوريا وغيرها، إنما يؤشر إلى صعوبات وتعقيدات حقيقية للتوصل إلى اتفاق على هذه التسوية، الا إذا كانت هناك قدرة وهامش محدود لهذه الأطراف على فصل موقفها من التسوية الداخلية في لبنان من مجريات الصراع الدائر بالمنطقة وبمعزل عنه استجابة لمصالح لبنان العليا وان يكون ذلك غير ممكن كما دلت الوقائع والأحداث التي حصلت في السابق.

ومع ان التوقعات بنجاح الاتصالات والمشاورات السياسية التي جرت طوال الأيام الماضية باتجاه التوصّل إلى اتفاق حول التسوية المطلوبة للخروج من أزمة استقالة الحكومة، باعتبار ان هناك نية حقيقية بالداخل لإنجاز هذه التسوية بأسرع وقت ممكن وفي الوقت ذاته مدعومة بمواقف دول مؤثرة إقليمياً ودولياً، كما عبرت المواقف الصادرة عن هذه الدول، بهدف تثبيت الاستقرار السياسي والأمني ومنع أي تداعيات سلبية جرّاء أزمة الاستقالة، وهو ما يُميّز التسوية المرتقبة عن سابقاتها ويحصنها في مواجهة الاهتزازات والارتدادات في المنطقة، لا يمكن الركون إلى مثل هذه التوقعات الإيجابية، الا في حال انجزت التسوية بصورة كاملة وتم تطبيقها على الأرض عملياً، اما استمرار المماطلة سيعطي صورة مغايرة تماماً ويزيد من مخاوف وإمكانية تعطيلها وبالتالي استفحال ازمة الاستقالة نحو الأسوأ.

فالاحاطة العربية والدولية المتواصلة لمشكلة استقالة الحكومة منذ بداياتها وحتى اليوم ولا سيما من دول مؤثرة وفاعلة في المنطقة كمصر والولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وغيرها، تؤشر بوضوح إلى رغبة حقيقية لدى المجتمع الدولي في دعم ومساعدة لبنان لكي يستطيع تخطي هذه المشكلة بأسرع ما يمكن ويتمكن من إعادة الانتظام لعمل الحكومة وسائر المؤسسات الدستورية ومنع أي محاولة لانزلاق لبنان باتجاه عدم الاستقرار والفوضى.

ولا شك ان هذه الاحاطة اللافتة لمشكلة استقالة الحكومة والسعي الدؤوب لمواكبة الجهود والاتصالات لإنضاج التسوية المطروحة إنما يعتبر عاملاً ايجابياً ومساعداً ويلاقي الرغبة المحلية التي عبّر عنها الرؤساء الثلاثة بكل وضوح للخروج من الأزمة وبالتالي لا بدّ من استغلالها والسير قدماً في التحركات لوضع اللمسات الأخيرة لإنجازها بأسرع ما يمكن تفادياً لكل العوامل السلبية والمعوقات التي تنجم عن تفاعل الصراع الدائر بالمنطقة، والا فإن التلكؤ والانصياع لتدخل هذه الدول أو تلك سيؤدي حتماً إلى عرقلة وتعطيل التسوية المطروحة وبالتالي استفحال أزمة الاستقالة نحو الأسوأ وهذا لن يكون في صالح لبنان واللبنانيين ولا بدّ من تجنبه بتكاتف وتضامن كل اللبنانيين بعضهم مع بعض ولمصلحة لبنان وحده دون سواه.