Site icon IMLebanon

زمن الحشاشين

 

درجة الحرارة التي كنت أكتب فيها هذه الكلمات تجاوزت الأربعين درجة مئوية، ولكنها لا تقارن «بلسعة» الأخبار الواردة من الشرق الأوسط، وهي أخبار حقيقية مع أنها تبدو من عوالم الخيال الكوميدي.

ها هو لبنان يمضي حثيثاً نحو الإعلان عن تشريع الاتجار وزراعة الحشيش، وذلك بحسب ما صرح به رئيس البرلمان هناك، ومعلوم أن منطقة البقاع وبعلبك هي المنطقة التي عرفت بزراعة هذه النبتة المخدرة، وهي تخضع كما هو معروف لسيطرة ونفوذ تنظيم وميليشيات حزب الله الإرهابية، الذي «يحمي» أهم المهربين في هذه المنطقة (الذين سيتم الإفراج عنهم بموجب هذا القانون الجديد).

وها هو نظام الانقلاب في قطر، في إطار استعداداته لاستضافة كأس العالم المقبلة، يبدأ في إجراءات تحضير إقامة مصنع لإنتاج البيرة الكحولية في الدوحة كأحد شروط الرعاة، والتي تعتبر هذه الشركة المصنعة للبيرة أحد الرعاة الرئيسيين، بالإضافة إلى إقرار الدوحة سياسات ترحيبية بالمثليين ضمن شروط المساواة التي تشجعها الفيفا، مع عدم إغفال التراخيص التي ستقدم لمكاتب القمار والمراهنة لممارسة أعمالها خلال البطولة نفسها.

وأعلن في إيران أن نسبة زراعة الأفيون في ازدياد بشكل تصاعدي في مناطق زراعية جديدة وتغض قوات الحرس الثوري التابعة للمرشد الأعلى للجمهورية «الإسلامية» النظر عن هذا الأمر، نظراً لتوفير هذه الزراعة مبالغ طائلة جراء تهريب العصابات الدولية المتخصصة.

أما في تركيا فتشير الأرقام والبيانات الاقتصادية إلى أن تركيا اليوم هي أحد أهم الشركاء التجاريين لإسرائيل، وأنها أهم شريك لها في العالم الإسلامي كله، وأن خطوط الطيران التركية هي الناقل الأول إلى إسرائيل بالنسبة لعدد الرحلات وعدد الركاب.

هذه النوعية من الأخبار الغريبة التي بحاجة لعلي سالم رحمه الله (مؤلف مدرسة المشاغبين والكاتب الساخر الكبير) أو «اللمبي» ليعلق عليها، نظراً لأنها مادة جاهزة للسخرية والتنكيت. فلا يوجد تناقض أبداً بين الخطاب السياسي والديني الذي تتبناه هذه الدول والواقع الكوميدي الأسود. والأدهى والأمر هو جيش المحللين الذي يهب للتبرير والتوضيح والشرح والدفاع عن «حقيقة» الموضوع، لأنه لا يبدو للجميع كما يجب أن يكون.

أكتب هذه السطور وأنا أضحك وأنا متخيل حجم التعليقات التي يجب أن تصاحب هذه الأخبار العجيبة، والتي حتماً إذا كان بها أي فائدة فإنها ولا شك ستثري الساحة الكوميدية وتبعث بكم مرغوب ومنتظر من «الفرفشة»، كيف يفكر هؤلاء؟ هل يعتقدون أنهم يعيشون في كوكب آخر ومنعزل عن المجرات الكونية، ولن يعرف أحد بما يعملون! كل الموبقات والمحرمات والممنوعات باتت مطلوبة ومرحباً بها، ويجري الدفاع عنها بقوة وبمنتهى البجاحة والوقاحة.

السياسة هي فن الممكن، وتعود الناس على «ازدواجية» المواقف عند بعض الساسة، وذلك بحسب ما تبرره الظروف والأوضاع، ولكن ما يحدث من هؤلاء هو من عينات «إكسترا لارج» الواسعة جداً. أرى رؤوساً قد أينع «إشعالها» لأننا نعيش فعلاً زمن «الحشاشين»!