لا يختلف اثنان على ان الاتجاه السياسي لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري في موضوع رئاسة الجمهورية قد اخذ بعدا ايجابيا الى حد القول انه لولا اعلان الحريري تبني ترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، لما كانت الامور قد وصلت الى حد اجراء الانتخابات الرئاسية يوم 31 الجاري، بما في ذلك تأمين وصول الجنرال الى قصر بعبدا بأصوات نيابية وازنة، الامر الذي حتم الانتهاء من هذا الاستحقاق بصورة ايجابية، لان العكس لم يكن يوحي يوما بأن يكون للبنان رئيس جمهورية.
اما وقد تغيرت المعادلات فان الامور قد عادت الى نصابها الصحيح؟!
كما لا يختلف اثنان على ان الرئيس الحريري قد راهن برصيده السياسي الضخم ليأتي بعون رئيسا للجمهورية، مع علمه وعلم سواه ان المعركة تحتاج الى اكثر من قرار داخلي، بحسب كل ما كان ولا يزال سائدا بعد طول كلام على عقد اقليمية ودولية اكدت التطورات بطلانها الى حد اعتبار المجيء بعون حالا لبنانية لا غبار عليها، لاسيما بعد كسر حاجز الارباك الذي كان يؤخذ على حزب الله، قبل الاطلالة الاخيرة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي سارع بدوره الى ازالة العصي الداخلية من دواليب الاستحقاق الرئاسي الذي سيجسد تفاهم اللبنانيين من غير حاجة الى تواقيع على بياض (…)
مصادر مطلعة تقول صراحة انه لو حصل الاتجاه السياسي للرئيس الحريري نحو رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ومعه الاتجاه السياسي – الرئاسي لحزب الله لاختلفت النتائج بصورة جذرية، حيث سبق وكان بوانتاج في الموضوع المشار اليه قد اكد صراحة رجحان كفة فرنجية، من غير حاجة الى تأكيد تصويت المستقلين، مع ما يعنيه ذلك من انصياع غير طبيعي باتجاه الجنرال الذي وفى له حزب الله بوعده، الى حد القول ان الوزن النيابي والسياسي لتيار المستقبل قد حسم المعركة لمصلحة الثاني من دون حاجة الى التوقف عند بعض المآخذ السياسية المرتبطة بهذا الترشيح او ذاك (…)
كما ترى المصادر ان العماد عون قد فهم اللعبة السياسية التي اوصلته مسبقا الى بعبدا، مع علمه الاكيد ان المرحلة اللاحقة لن تكون بنفس الصعوبة وربما اكثر صعوبة بكثير في حال الوصول الى تشكيل حكومة لا بد وان تأخذ مجالات سياسية مستحيلة من هذا الجانب او ذاك، من غير ان ننسى موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي بشرنا مسبقا بأنه سيكون من ضمن المعارضين او على رأسهم ليس لانه لم يوفق في خياره الرئاسي.
المهم بالنسبة الى ما تقدم ان مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية هي التي يعول عليها الجميع بلا استثناء، خصوصا ان التكليف لن يكون بسهولة التأليف حيث هناك مطالب ملحة من جانب شيعة رئيس المجلس، من دون ان يعني ذلك ان شيعة حزب الله اقل ثقلا ممن سبقت الاشارة اليهم، فضلا عما يجب ان تكون عليه حكومة العهد الاول من توازن لا غبار عليه، حيث لا بد من تفاهمات تؤكد سلامة الخيار الرئاسي، وهذا مطالب به الرئيس العتيد الذي سيكون قدوة في زرع الثقة برئاسة الجمهورية؟!
ومن الان الى حين فرز الاصوات النيابية في الانتخابات الرئاسية سيقال الكثير عما هو مطالب به الرئيس الجديد، خصوصا ان الجنرال يعرف ذلك والمحيطون به ممن سبق لهم ان مثلوه في مناسبات سياسية ووطنية لا يمكنه ازاء ذلك ان يكسر وجهة نظرهم، كي لا تكون تنازلات على حساب سمعة الرئيس الجديد الذي يعرف طبيعة المرحلة اكثر من كل ما عداه من السياسيين الخصوم او المحسوبين عليه، لان لكل من هؤلاء حسابات تختلف عما لدى الاخرين من تطلعات لا بد وان تزيد من ثقة الرئيس بنفسه او العكس في حال اختلفت الحسابات.
وما هو اكثر اهمية من كل ما قيل في مرحلة انتظار الاتفاق على الرئيس، هو اثبات وجوده في قصر بعبدا، في حال شكلت بعض التصرفات حرجا سياسيا لا بد حاصلا من جانب المقربين والاصدقاء والخصوم على السواء.