على الرغم من الادارة الحكيمة التي انتهجها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وافضت الى اوسع دعم لبناني لهذه الادارة، بالتوازي مع دعم دول لموقف لبنان من رفض احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري من قبل النظام السعودي، وادت الى اطلاقه، الا ان عشرات الاسئلة لا تزال تطرح دون وجود اجابات على الكثير منها حول ما اراده نظام آل سلمان من وراء فرض الاستقالة على الحريري ووضعه في الاقامة الجبرية، وبالتالي ما هي الاهداف والغايات التي اراد محمد بن سلمان دفع لبنان اليها؟
وفق مصادر سياسية واسعة الاطلاع، فالاسابيع والاشهر المقبلة قد تتكشف عن مزيد من الوقائع والاثباتات حول حقيقة ما ذهب اليه ولي عهد نظام آل سلمان لتخريب لبنان، الا ان الكثير من المعطيات والمعلومات توافرت لدى اكثر من جهة لبنانية رسمية وغير رسمية حول فظاعة ما كان يخطط للبنان من وراء فرض الاستقالة على الحريري وما تبعها من حملة غير مسبوقة على رئيس الجمهورية ومعظم القوى التي ساندت الخطوات التي لجأ اليها الرئيس عون لافشال ما اريد من وراء الاستقالة والاقامة الجبرية لرئيس الحكومة، فحتى العديد من قياديي المستقبل لم يسلموا من الغضب والحقد لدى النظام السعودي.
لكن المهم وبحسب جهات سياسية مطلعة على ما تبلغته بعض المراجع السياسية حول هدف التصعيد السعودي ضد لبنان، بحيث ان هذه الخطة اعدت لسيناريوهات خطيرة بهدف ضرب الاستقرار ومحاصرة هو رئيس الجمهورية وصولاً الى السعي لضرب المقاومة وحزب الله، ووفق ما تبلغته جهات رسمية وغير رسمية فهذه الخطة كانت تندرج وفق خطوات واجراءات متتالية:
1ـ بعد اعلان الحريري لاستقالته كانت التوقعات لدى معدّي الخطة الجهنمية والمدعومة من جهات لبنانية كانت على تواصل دقيق وكامل مع السلطات السعودية، سيلجأ الرئيس عون الى قبول الاستقالة لدفع البلاد نحو الفراغ.
2ـ ان يؤدي هذا الوضع الى حدوث اهتزاز مالي كبير في البلاد، بدءا من لجوء كبار المستثمرين واصحاب رؤوس الاموال لسحب ودائعهم من المصارف اللبنانية، ما سيعرض سعر الليرة اللبنانية لهبوط كبير امام الدولار الاميركي.
3ـ ان تذهب الامور على المستوى الشعبي للشارع الى فتنة مذهبية بين السنة والشيعة، لاعتقاد النظام السعودي ان قبول الاستقالة من جانب رئيس الجمهورية سيدفع نحو تحريك الشارع السني في مواجهة حزب الله، بالتوازي مع دعوة الشخصيات المقررة داخل عائلة الحريري ـ نازك الحريري ـ النائب بهية الحريري ـ السيد احمد الحريري وآخرون الى السعودية لمبايعة بهاء الحريري على مستوى زعامة المستقبل والطائفة السنية، وبالتالي ان يبايع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري شقيقه في هذه الزعامة، بما يتيح توسيع دائرة المواجهة المذهبية مع حزب الله.
4ـ ان تلجأ بعض القيادات التي كانت منضوية سابقاً ضمن 14 آذار حتى القوات اللبنانية الى فارس سعيد مع شخصيات اخرى من الطائفة السنية تكن العداء لحزب الله ومستعدة للسير بكل ما تطلبه السعودية، لاقامة جبهة سياسية ليس فقط لفتح معركة واسعة ضد حزب الله، بل حتى محاولة محاصرة رئيس الجمهورية.
وفي معطيات للمصادر ان الجزء الثاني من الخطة كان يستهدف دفع كيان الصدر الاسرائيلي لشن عدوان ضد لبنان تحت عنوان ضرب حزب الله، فيما لبنان غارق بازماته المالية والمذهبية والسياسية، وتشير المصادر الى ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تعهد امام كبار المسؤولين السعوديين بأنه قادر على وضع اليد على المناطق المسيحية من خلال تنظيم ما يقارب 15 الف عسكري في حال التزام السعودية باعطائه السلاح لتنفيذ هذه الخطة، بما يؤدي الى رفع الغطاء المسيحي عن حزب الله، مع استمرار الاحداث المذهبية بين السنة والشيعة، وصولاً الى تحجيم دور رئيس الجمهورية وحتى اسقاطه.
ووفق ما نقلته المصادر عن شخصية كبيرة فالمراجع اللبنانية اصبحت على معرفة تامة بالدور السلبي الذي لعبته بعض القيادات مع السعودية من اجل دفع ولي العهد محمد بن سلمان للسير بهذه الخطة، خصوصاً ان المحافظين الجدد في الادارة الاميركية بدءا من صهر الرئيس الاميركي ماريو كوشنير لا يمانعون السير بهذه الخطة، على الرغم من ان وجود اعتراضات عليها لدى المخابرات والخارجية في الولايات المتحدة، كما تشير المصادر الى ما يمكن اعتبار الزيارة غير الملائمة التي قام بها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى السعودية حيث كان توقيتها غير مناسب، ما ادى الى نوع من الفتور مع الرئيس عون كما توضح ان جعجع في الرسالة التي رفعها قبل أيام الى رئيس الجمهورية عبر وزير الاعلام ملحم رياشي حاول تبرير موقف «القوات» من الرئيس عون وما قام به من خطوات ومواقف لفك اسر الحريري.
على ان المصادر تؤكد ان المخطط السعودي الذي كان اعد قبيل فرض الاستقالة على الحريري فشل، في مقابل تمكن رئيس الجمهورية ليس فقط اطلاق سراح الحريري، بل اضطرار النظام السعودي من الآن وصاعداً الى التعاطي مع لبنان كدولة غير خاضعة لاي وصاية خارجية من السعودية او غيرها، لكن ذلك ـ بحسب المصادر ـ ان نظام آل سلمان سيحاول الابقاء على تعطيل الحكومة في المرحلة المقبلة، وهو الامر الذي ستتكشف بنوده بعد عودة الحريري الى بيروت والاتجاهات التي سيعلن عنها للمرحلة المقبلة.