IMLebanon

للأسد حساباته وتقويماته… ولـ”حزب الله” أيضاً!

يوم أعلن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله قبل أسابيع أن معركة تحرير القلمون من “التكفيريين” ستجري ولكن من دون إعلان رسمي ببدئها ومظاهر إعلامية دعائية، وأن نتائجها ستتحدث عنها، يومها شعر لبنانيو “الحزب” كأن “سطلاً” أي “دلْواً” من الماء البارد قد أُفرِغ عليهم. ذلك أنهم عرفوا أن استنفارين عسكريين وإعلاميين نفذهما “الحزب” وبنتيجتهما انتقل المقاتلون إلى أرض المعركة وتهيأ الإعلام لمواكبة عملياتهم ثم ألغاهما. وعرفوا أيضاً أن المفاجآت العسكرية غير السارة التي واجهها النظام في سوريا في مناطق عدة وخصوصاً شمالها دفعت قيادته العليا إلى التريٌّث في الاشتراك في معركة القلمون، وكان ذلك أمراً متفقاً عليه بينها وبين قيادة “الحزب”، ولا سيما بعد الإنهاك الكبير الذي أصاب جيشه وميليشياته، والخسائر البشرية الكبيرة التي لحقت بهم منذ بداية “الحرب”، وبعد بروز حاجة شبه ماسة إلى حماية مناطق تلحق سيطرة “الثوار” والمتشددين و”التكفيريين” عليها ضرراً بالنظام لا يمكن إصلاحه.

طبعاً حصلت معركة القلمون وخاضها مقاتلو “حزب الله” وحدهم مع مساندة الطيران الحربي للنظام السوري ومدفعيته البعيدة المدى. وحققت نتائج. لكن عدم “البهورة” الإعلامية في متابعة أخبارها وفي عرض انتصاراتها، والتأكيد أن المقاتلين لن يبقوا في “التلال” التي ترتفع أكثر من ألفين وخمسمائة متر عن سطح البحر لاستحالة ذلك بسبب الطقس، لكن ذلك كله كوّن انطباعاً عند كثيرين بأن عودة الذين هُزموا فيها إليها لاحقاً أمر غير مستحيل، إذ أن الحرب كرٌّ وفرٌ. علماً أن معركة الزبداني القاسية الجارية منذ مدة قصيرة يمكن اعتبارها متابعة لمعركة القلمون، والجيش السوري يشارك فيها قصفاً بالطيران الحربي والمدفعية وبالعسكر على الأرجح. إذ أن “الحزب” لا يستطيع أن يزج بمقاتليه وحدهم في اقتحام مدينة لا بد أن يتسبب بمقتل عدد كبير منهم أو “باستشهادهم” في رأيه. وذلك يضيف مشكلات أو بالأحرى إحراجات له في أوساط شعبه لا يحتاج إليها الآن وإن كان النصر حليفه هناك.

ما رأي “حزب الله” في كل المذكور أعلاه؟ لا يتوقع أحد أن يعطي جواباً صريحاً عن ذلك. لكن الإشارة إليه في مناسبات معينة قد تحصل. إلا أن عدداً من القريبين منه يتحدثون عن هذا الأمر أحياناً بشيء من الصراحة ولكن من دون التسبّب بإحراجات والخروج عن الالتزام. ومما قاله هؤلاء الآتي: “الحقيقة أن الرئيس الأسد لم يكن متحمِّساً كثيراً لمعركة القلمون. ذلك أن اهتمامه الأكبر في هذه المرحلة ينصب على شمال سوريا وجنوبها. ربما ليس صحيحاً ما يُقال حالياً عن انتقال الأسد إلى تنفيذ الخطة “ب” بعد فشل الخطة “أ” أي استعادة كل سوريا. فهو يقول لقيادة “الحزب” “إنه يريد استعادة كل الأوراق أو معظمها كي يخرج من الحرب الدائرة منتصراً”. وذلك يلزمه وقت طويل. طبعاً “الحزب” يأخذ هذا الأمر جدياً. لكن عنده في الوقت نفسه حساباته وتقويماته. وهو قد أعدّ للقلمون كل شيء وكأن المعركة لم تبدأ بعد”.

ماذا عن عرسال البلدة وعرسال الجرد ولا سيما بعد الإشكالات والخلافات والمماحكات التي جعلت فريقاً يعتبر البلدة مثل الجرد بأهلها والنازحين السوريين إليها وفريقاً آخر يعتبر أنها مستهدفة ومظلومة لأسباب مذهبية؟ عن هذا الموضوع تحدث القريبون من “الحزب” أنفسهم، قالوا: “يرى “حزب الله” أن لا أحد يستطيع فصل عرسال عن جرودها. فهي بلدة مُحتلَّة من التكفيريين، علماً أن المعركة قد تصل إليها. ماذا يحصل عندها”؟ الجواب الطبيعي، قلتُ هو أن تحولها أرض معركة قد يتسبَّب لا سمح الله بمجازر، وقد يثير ردود فعل سلبية وتحديداً عنفية في اكثر من منطقة، وربما يتدخَّل في هذا الأمر غير اللبنانيين اللاجئين إلى لبنان سواء منذ عقود أو منذ سنوات.

في أي حال قيادة الجيش اللبناني تعرف كل ذلك وتتحسب له وهي منتشرة في جرود عرسال وفي محيطها. كما أنها تسيّر دوريات داخلها. ولا شيء يمنعها من التمركز فيها، علماً أن المشكلة تكاد تشمل لبنان كله حيث هناك 1750 مخيماً عشوائياً للنازحين السوريين يمكن أن يشكِّل شبابهم البالغ والمدرّب عسكرياً خطراً على كل البلاد. وقد حاولت الحكومة وضعهم في مخيمات “منظمة”، ووافق على ذلك حليف “حزب الله” الوزير جبران باسيل مؤكداً أن “الحزب” يوافق أيضاً وأنه سمع ذلك من أمينه العام. وتبيّن بعد أيام أن موافقة الأخير غير صحيحة بدليل تراجع باسيل عنها.