قياساً على السلوك السياسي لقادة مكونات الوطن، منذ الشغور الرئاسي والى اليوم، فانه يوحي بأن ارادة التفجير ليست واردة لدى أي من الأفرقاء في المستقبل المنظور. وأفق هذا المستقبل هو الأول من كانون الأول / ديسمبر وفقاً لما حدده الرئيس نبيه بري، العالم ببواطن الأمور والخبير في مجرياتها. ويتناغم ذلك مع قرار دولي – اقليمي بابقاء الأوضاع على ما هي عليه وحتى اشعار آخر، والى أن تقضي ثنائية واشنطن وموسكو أمراً كان مفعولاً. ويبدو أن المدى المفتوح ل لعبة الدم والخراب هو الوصول الى حدّ الهريان وتلاشي القدرة على الاحتمال… أي الهريان في ساحات الصراع الحامي في المنطقة والبارد في لبنان، وضمور القدرة على الاحتمال لدى اللاعبين الاقليميين. والساحات كلها تقترب من هذا الحدّ المرتبط بالتسوية السياسية والجغرافية بين الرئيس الروسي بوتين، والرئيس الأميركي أوباما، وعزمه على ترك هدية لمن يخلفه من حزبه في البيت الأبيض قبل مغادرته!
أما لبنان فيبقى أشبه بصندوق المفاجآت، ولا نقول ب صندوق باندورا. وستبقى الأزمة اللبنانية محتجزة داخل صندوق بقفلين، ومفتاح أحدهما هو انتخاب رئيس الجمهورية، ومفتاح ثانيهما الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية. واحتمال انسحاب عون من السباق الرئاسي هو صفر، من اليوم والى ما شاء الله… فاما ان تحلحل التسوية الاقليمية – الدولية هذه العقدة ويتم انتخاب عون للرئاسة، فتنتهي مشكلة، وتبدأ مشكلات جديدة عنوانها صعوبة تعامل المكونات السياسية مع الرئيس العنيد في عهده. واما أن يحلّ عقل الرحمن في عقول القادة السياسيين – بعد الاستعانة ب صديق اقليمي أو دولي أو بهما معاً – فيتم التوصل الى إقرار قانون انتخاب جديد تسووي تجري على أساسه الانتخابات النيابية ثم الرئاسية.
عندما وجد العميد ريمون اده نفسه مضطراً الى الاختيار بين الرئاسة أو أن يكون بطل حرية، اختار الثاني. العماد عون متمسّك بالاثنين: أن يكون بطل حرية وأن يكون رئيساً في آن. وهو خيار صعب بالنسبة الى الطبقة السياسية العاجزة عن حلّ هذه الأحجية… وهي أيضاً في حاجة الى صديق اقليمي أو دولي أو كلاهما ليخرجها من المأزق!