Site icon IMLebanon

لخرق في جدار الذاكرة.. يحفظ الوحدة

لم يكن جدار الصوت وحده هو ما خرقه تحليق الطيران الحربي الاسرائيلي على علو منخفض فوق مدينة صيدا، فثمة جدار آخر، خرقه هذا الدوي الهائل وهو جدار الذاكرة الذي كان قد ارتفع وكاد ينسينا ان هناك خطراً داهماً ودائماً لا زال يتربص ببلدنا وامننا واستقرارنا ويتحين لحظة اختلافنا او انقسامنا لينقض علينا. هو الخطر الاسرائيلي.

بالأمس القريب حقق جيشنا الوطني انتصاراً في الجرود واستقبلنا جثامين الشهداء العسكريين الذين هم ورفاقهم من ابطال الجيش اللبناني اصحاب هذا النصر الحقيقيين، وبدلاً من ان نعتز بانتصارنا ونرتفع بحزننا على شهدائنا العسكريين الى مستوى رقي ألم وحسرة وفخر عائلاتهم ومؤسستهم العسكرية بهم ونترك للمؤسسات المعنية مهمة الإتيان بحقهم، رحنا نختلف على «جنس الملائكة»، ونتقاذف الاتهامات والمسؤوليات، حتى كدنا نفقد هذا الانتصار وهجه، وكدنا نضيع تضحيات الشهداء في مهب خلافاتنا، ونضيع معها انتصارنا بجيشنا القوي الموحد. وكدنا ننسى او نتناسى اننا وان انتصرنا على خطر الارهاب والعدو التكفيري، فإنه لا يزال هناك عدو اول ودائم لوطننا هو العدو الاسرائيلي الذي لا يزال يشكل مصدر تهديد وخطر عبر الحدود الجنوبية كما من الجو حتى من البحر، ومعركتنا النفطية معه لم تبدأ بعد، واننا لكي نستطيع مواجهته والتصدي له، ليس امامنا الا سلاح واحد هو «وحدتنا» والتفافنا حول وخلف جيشنا الوطني ودولتنا وكل اسباب قوتنا، هذه الوحدة التي مكنتنا في الماضي من الانتصار على العدو الاسرائيلي ودحره عن القسم الأكبر من ارضنا، ومكنتنا اخيرا من الانتصار على العدو التكفيري ودحره عن حدودنا الشرقية.

نعم، ربما كنا بحاجة لهزة بحجم الدوي الذي احدثه خرق جدار الصوت في اجوائنا كي نستعيد بعضا من ذاكرتنا ونحفظ جدار وحدتنا من أي خرق ولو كان صوتياً.

بين الواجبات والانجازات والانتصارات التي تتراوح بين الأرض السماء، تبقى عين الجيش وحدها الساهرة على الحدود البحرية حيث من هناك تتسلّل أوهام العدو التي تصل إلى حد الاعتقاد بأن لبنان لقمة سائغة أو دولة ضعيفة لا قدرة لجيشها على المواجهة ولا لأهلها حمل على الصمود، فيما يغيب عن بال هذا العدو، أن لبنان وبحدوده كافة، مزروع برجال ما زالت أصداء إنتصاراتهم تتردد في الأجواء ولعلها قد وصلت إلى مسامع المتحكمين بطائرات العدو الحربية التي تصر على خرق الأجواء اللبنانية بين الحين والآخر.

على مدى الأيام القليلة الماضية، وبعد الإنجازات العظيمة التي سطّرها جيش لبنان في مواجهة الإرهاب، لم تتوقف الاعتداءات الاسرائيلية على الحدود البحرية والجوية اللبنانية، وبشكل متواصل مما استدعى الجيش إلى تقديم شكوى لـ»اليونيفيل» في ظل الاستعدادات الدائمة التي يتخذها ضمن المناطق المعنية، بالإضافة إلى الاستنفار العسكري تحسباً لأي أمر طارئ. وهنا تؤكد مصادر عسكرية لـ «المستقبل»، أن «الجيش المعني الأول والأساس بحماية الحدود اللبنانية، هو في حالة استنفار دائم تحسباً لأي اعتداء قد يقوم به العدو الإسرائيلي، وهذا الاستنفار ليس وليد ساعته أو معطوفاً على الإنتصارات التي حققها الجيش في الجرود اللبنانية، إنما هو حالة دائمة خصوصاً في ظل وجود دولة عدوة عند حدودنا لها أطماع دائمة بأرضنا». وللتذكير، إن الاختراقات الإسرائيلية للمياه والأجواء اللبنانية تُعتبر انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي صدر في 11 آب 2006 لوقف القتال بين إسرائيل ولبنان.

عين الجيش الساهرة واليقظة الدائمة التي ينطلق منها من اجل افشال أي مُخطط عدائي سواء من الحدود الشرقية أو الجنوبية، تمثّلت منذ يومين بضبط دورية من مديرية المخابرات في خراج بلدة كفرشوبا شمال موقع رويسات العلم، جهاز تجسس عائداً للعدو الإسرائيلي، كناية عن كاميرا حرارية داخل علبة مصنوعة من «الفيبر غلاس»، وموصولة بلغمين أرضيين ضد الأشخاص، وقد عمل فريق متخصص من فوج الهندسة على تفكيكه وإجراء ما تقتضيه العملية الأمنية.

إنجازات الجيش في حربه العسكرية والأمنية التي يخوضها ضد البؤر الارهابية في كافة المناطق اللبنانية ومنها التعديات الاسرائيلية المتواصلة، باتت كثيرة أو امراً شبه يومي، إذ بالكاد يمر يوم من دون ان تُنقل فيه أخبار عن عمليات نوعية يُنفذها الجيش، سواء ضد مجموعات أو أفراد. واليوم يُمكن القول، أن الجيش ومن خلال ما يقوم به على أكثر من صعيد وفي أكثر من مكان، عاد ليرسم بنفسه، خطوط سير أولوياته، وذلك من خلال الدعم السياسي والشعبي الذي يتلقاه، وليقول من خلالهما للأقربين والأبعدين، إن زمن استباحة لبنان وأراضيه والاعتداء على شعبه وجعله ملاذاً آمناً للإرهابيين، لم يعد كذلك اليوم، ولا يُمكن تطبيقه على أرض يطوقها الجيش بنيران مدفعيته وثبات عناصره خصوصاً مع تفعيل أجهزته الأمنية.

وتؤكد المصادر أن لبنان قطع شوطاً كبيراً في عملية تثبيت الاستقرار بعد معركة الجرود وطرد الارهابيين منه، وهذا ما انعكس بشكل ايجابي على الداخل وأرخى حالة من الاستقرار والأمان بين اللبنانيين. لكن هذا الأمر لا يعني أننا أصبحنا بمنأىً عن الارهاب اذ أن هناك بعض البؤر التي يجب التخلص منها»، موضحة أن «الجيش خلق شبكة أمان أمنية وعسكرية منعاً لدخول إرهابيين أو تسللهم اليها وتنفيذ مخططات إجرامية أو حتّى إيجاد أرضية يُمكن أن تُشكّل عامل أمان لهم. والأمر نفسه ينطبق على الحدود الجنوبية، إذ أن الجيش لا يُمكن أن يتهاون أو يتساهل مع أي اعتداء اسرائيلي وهو جاهز لأي احتمال في هذا الخصوص. ويُمكن التأكد أنه ومن خلال العمليات الوقائية والأمنية التي يقوم بها بالإضافة إلى الاستعدادات الدائمة لأي تطور مُفاجئ، فان الجيش هو المعني الاول والأخير في الدفاع عن البلد وتثبيت دعائم الاستقرار والسلم الأهلي.

في خرق اسرائيلي هو الأول من نوعه لأجواء مدينة صيدا («المستقبل») منذ نحو عقدين من الزمن، دوّى قرابة الحادية عشرة والنصف قبل ظهر أمس، صوت انفجار قوي اهتزت له الأبنية في أرجاء مدينة صيدا وضواحيها وتلاه دويّ اقل قوة، وتحليق مكثف للطيران الحربي على علو منخفض فوق صيدا ومنطقتها، فسادت للوهلة الأولى حالة من الهلع في صفوف المواطنين لاعتقادهم ان صوت الانفجارين ربما كان ناجماً عن غارة اسرائيلية على احد المواقع في المنطقة، قبل ان يتبيّن لاحقاً انه لم يكن سوى دوي ناجم عن خرق الطيران الحربي المعادي لجدار الصوت على علو منخفض وعلى دفعتين فوق صيدا والمحيط.

وكانت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه أعلنت في بيان أمس، أن «طائرتين حربيتين تابعتين للعدو الإسرائيلي خرقت بتاريخه الساعة 11.00، الأجواء اللبنانية من فوق بلدة عيترون». ولفتت في بيان ثانٍ إلى أن «طائرة استطلاع تابعة للعدو الإسرائيلي خرقت بتاريخه عند الساعة 6.40، الأجواء اللبنانية من فوق بلدة علما الشعب، ونفّذت طيراناً دائرياً فوق مناطق الجنوب، ثمّ غادرت الأجواء عند الساعة 10.30 من فوق البلدة المذكورة، وعند الساعة 10.10، خرقت طائرة مماثلة الأجواء اللبنانية من فوق بلدة كفركلا». ولاحقاً، أصدرت بياناً آخر، أشارت فيه إلى أن «زورقاً حربياً تابعاً للعدو الإسرائيلي أقدم عند الساعة 18.40 من يوم أمس، على خرق المياه الإقليمية اللبنانية مقابل رأس الناقورة».