Site icon IMLebanon

من يُعيد للحرية تعبيرها الصحيح؟

إذا كانت حرية التعبير تقاس بالسماح للبرامج الهابطة وتقبلها كجزء من المجتمع، وإذا كانت صورة المرأة لا بدّ أن تنعكس عبر التفاهة والابتذال وإلا… كانت ضحية للذكورية وتقارن برولا يعقوب ومنال عاصي وسلسلة طويلة من النساء اللواتي دفعن حياتهن ثمناً لإجحاف القوانين ووقوعهن أسيرات مجتمعات متخلفة وأفكار بالية أطلقت سراح وحوش متنكرة بالرجولة… فعلى قضية المرأة المعنفة السلام!

لقد فتحت قضية ضحايا العنف المنزلي ملف القوانين الخاصة بالمرأة، والتي أثبتت انتهاء صلاحيتها منذ زمن، تاركة الأم والزوجة والأخت والابنة، مكشوفة، في مهب مزاجية زوج أو أخ أو حتى أب، تتلقى الضربات من دون قانون يحميها أو دولة تؤمن لها المأوى أو البديل، حتى ينال المعتدي قصاصه! نعم، شتان بين الحالتين… وما المحاولة للربط بينهما إلا نتيجة طبيعية لتردّي القيم والأخلاق في وطن يقوده فاسدون واحتل المرتبة 136 من أصل 176 في مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، من دون أن يرف جفن لأي مسؤول، في مجتمع بلغت فيه الحرية أعلى مستوياتها من دون أن تحرّك الدولة ساكناً، في بيئة تعالج المشاكل فيها بمجازر أفظع بحق الطبيعة والمواطن على حد سواء.

في وطن اتفق الخصوم فيه عليه، وعندما دقت ساعة ترجمة التوافق على قانون انتخاب، بدأت المقصات عملها ليفصل القانون على مقاس الزعماء الحاليين، في محاولة لإرضاء الجميع ولو كان يعني ذلك الخلط بين الأكثري والنسبي والدوائر حتى يناسب جميع المقاسات، في حين ذهبت فكرة قانون انتخاب عصري يكون المدماك الأول في بنيان دولة المؤسسات أدراج الرياح… وأخيراً في وطن ينادي بحرية التعبير في حين تمر صحافته، ذاكرته الحقيقية، بأصعب أزمة وتقفل مؤسساتها الأكثر عراقة من دون أن تحرّك الدولة ساكناً، أو تضع خطة للحفاظ على قدرة الوطن والمجتمع على التغيير، ناهيك عن الحرية! إنه زمن الانحطاط على مختلف المستويات، حيث تختلط المعايير والأولويات وتحل الاستنسابية مكان الثوابت.

ومع انشغال الدولة بإجراء الانتخابات النيابية بأي ثمن من جهة، ومواجهة التحديات الأمنية من جهة أخرى، تارة عبر عودة ظاهرة الخطف، وأخرى عبر التهديد الواضح للإرهاب بضرب المرافق الحيوية والسياحية المتبقية، هل لمعالجة الانحطاط الفكري والأخلاقي، بغض النظر عن السياسي، هل لهذه المعالجة دور في زحمة الاستحقاقات، أم أن إبقاء الأمور على ما هي عليه يناسب أهل الحل والربط أكثر في هذه المرحلة تحديداً؟!