IMLebanon

إلى قتلى الأيام القادمة في لبنان

حاولت في المقالات الماضية ان افتعل حواراً مع مفكرين وكتاب كبار، كانت مغامرة جميلة في اسبابها وغاياتها، لكنها لم تكن كذلك في نتائجها  فالحوار مستحيل في لبنان، ليس لأننا لا نريده بل لأنّ ثقافة الحوار في لبنان ماتت منذ زمن بعيد وعلى أيدي قادة الحوار، لذلك يعتقد السياسيون المتحاورون بأنهم يصنعون حدثاً كبيراً عندما يذهبون الى طاولات الحوار لأنّهم هم من قتل الحوار وثقافته بطائفيّتهم وبنزاعاتهم المسلحة، وهم يعانون الآن من غياب الركن الوحيد الذي وصل الى السلطة في لبنان من دون دماء، وشكل لهم مساحة للحوار والخصام، وبعد اغتياله أصبحوا في العراء.

اعتقد انه بات من الضروري إقامة مجتمع افتراضي كما هو الحال على صفحات الفيس بوك والاصدقاء الافتراضيين، وهذا امر ممكن وسهل فلقد اصبح لدي أصدقاء على صفحتي  وبأشهر قليلة أضعاف أضعاف ما عرفته خلال حياتي الطويلة، وربما هذا ما يجب ان نعتمده اجتماعياً وسياسياً أي العيش في مجتمع افتراضي ودولة افتراضية، ونعيش أحلامنا بدل العمل على تحقيقها، لأنّنا افترضنا أنّ هذه الطبقة السياسية قادرة على أي شيء وذلك وهم كبير وكبير جداً فهم أعجز من أن يكون لديهم سؤال فكيف يكون لديهم جواب، وبذلك نكون امام سلطة وهمية ومأساوية في آن، فلماذا عندها لا نعيش في مجتمع افتراضي جميل ونصنعه كما نحب أو نريد وبصدق وشفافية طالما أنّه افتراضي وليس فيه أي ادعاء.

السبب في ما نقوله هو تلك الماساة التي أعاني منها منذ ايام وهي بأنّ كل اللبنانيين تناقلوا بسعادة كبيرة واستبشروا خيراً، عندما سمعوا خبر السفارة البريطانية الذي يحذر من اعمال عنف في لبنان ثم السفارة الروسية وهذا يعني بأن الشباب لابسين مدني وبعدن على خطوط التماس القديمة والحديثة والمتوقعة، والأدهى من كلّ ذلك أن  بعض المجموعات السياسية بدأت تحدد أرباحها ومغانمها من ذلك العنف القادم وعلى الاكيد.

هناك لبنانيون حقيقيون متخوفون مما هو قادم على لبنان ليس لأنهم يعرفون اسرار الدول والتنظيمات، بل لأنّهم شاهدوا ذلك بأمّ العين مرات عديدة على ارض الواقع وباجساد الأبرياء، ويعرفون منذ الآن انه لا يوجد في لبنان قوة سياسية قادرة على منع وقوع ذلك العنف المتوقع بكلّ الأشكال، والذين يخططون للعنف يعرفون اللبنانيين وقدراتهم وموضع وجعهم، ولا بدّ من الاعتراف بان أعداء الاستقرار في لبنان يعرفون كيف يميزون بين من يصنع الفوضى ومن يصنع الاستقرار ولذلك كانوا ماهرين باختيار الأهداف من رموز الإستقرار.

 أعزائي المواطنين اللبنانيين الذين سيقتلون في موجة العنف القادمة والتي بشّر فيها سفراء بريطانيا العظمى وروسية القيصرية كلاهما شريكان في صناعة مآسينا من سايكس بيكو، سازانوف إلى وعد بلفور إلى كلّ ما نتج عنهما من قتل وتهجير ودمار على مدى مئة عام، أيها المواطنون الأعزاء قبل أن تقتَلوا  وتقدّم دماؤكم قربانا من اجل اعادة تكوين السلطة عينها من العاجزين حتى عن القتال الذين كانوا يتقنونه في يوم من الأيام، ليس بالضرورة أن تكونوا ابرياء لكنكم ستقتلون  لأنّ قادتكم اغبياء، كالكثيرين من الحكام الذين أدمنوا السلطة، ولا يعرفون حياة بدون جرعات الإدمان من الدماء، واعتبار دمائكم يجب أن تسال لكي يبقوا في السلطة وعلى  قيد الحياة، أعزائي قتلى لبنان في الأيام القادمة، لكم مني خالص العزاء.