IMLebanon

إلى «الاستراتيجية الدفاعية..» درّ؟!  

 

لبنان أمام استحقاقات بالغة الدقة والخطورة، قبل انجاز الاستحقاق الانتخابي في السادس من ايار المقبل، كما وبعده.. وهي استحقاقات تركت سيلاً من الاسئلة والتساؤلات حول توقيتها وما يمكن ان ينتج عنها من تداعيات على المستوى الوطني الداخلي، كما وعلى المستوى الخارجي. فقد كانت لافتة زيارة قائد القيادة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال جوزف فوتيل الى لبنان، وتنقله من القصر الجمهوري الى وزارة الدفاع الى الجنوب اللبناني ولقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقائد الجيش العماد جوزف عون كما وحضوره مناورة قتالية بالذخيرة الحية، واجتماعه مع قيادة منطقة الجنوب بمشاركة السفيرة الاميركية في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا.

 

زيارة الجنرال فوتيل، تركت سيلاً من الاسئلة والتساؤلات، حول مضمونها وما تهدف اليه وتوقيتها الذي جاء متقاطعاً مع تطورات على الارض السورية حيث أتت بعد أيام من الضربة العسكرية (الاميركية – البريطانية – الفرنسية) لسوريا، كما وأتت متقاطعة مع تسريب عضوين في الكونغرس الاميركي، يمثلان الحزبين «الديموقراطي» السيناتور توم سيوزي و»الجمهوري» ادم كينزينغر، بمشروع قانون جديد حمل الرقم 115 يدعى «قانون نزع سلاح حزب الله»، أبرز ما فيه اصدار تحقيق استخباري مفصل عن قدرات «حزب الله» العسكرية والمالية والطرق التي يستخدمها لاستلام السلاح والاموال.. مستنداً الى قرارات مجلس الأمن الدولي 1701 و1559 و2373.. وهي خطوة على ما يقول خبراء ومتابعون «لا يقدم عليها أعضاء الكونغرس في مشاريعهم في هذا المجال إلا نادراً..» ويكتسب المشروع وجها آخر من الخطوة مستنداً الى تصنيف وزارة الخارجية الاميركية في العام 1997 و»حزب الله» كمنظمة «ارهابية» وهو «يشكل خطراً جسيماً وحاضراً على الولايات المتحدة ومصالحها وحلفائها.. كما و»يشكل نقل الاسلحة بشكل غير قانوني الى «حزب الله» خطراً كبيراً على الشرق الاوسط وحلفاء الولايات المتحدة.. وقد هاجمت إسرائيل عشرات القوافل التي كانت تنقل الاسلحة الى «حزب الله» وجماعات أخرى على جبهات اسرائيلية عدة، بما في ذلك من سوريا على مدى السنوات الخمس الماضية (هذا بالتقاطع مع اعلان «إسرائيل» أمس أنها نفذت مئة ضربة استهدفت قوافل أسلحة لحزب الله».. ليخلص المشروع الى وجوب «العمل مع الحكومة اللبنانية» و»اليونيفيل» والشركاء الاقليميين لحل ونزع سلاح جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتأمين كامل حدود لبنان من خلال نشر قواته المسلحة باعتبارها الممثل المسلح الشرعي الوحيد للدولة.» وتحييد القدرات الصاروخية لـ»حزب الله» والتعاون الوثيق مع حكومة إسرائيل في العمل على تقليص قدرات حزب الله وايقاف النقل غير المشروع للاسلحة اليه وشرائه.. ووضع تقرير استخباراتي تقديري عن حزب الله في موعد لا يتجاوز الـ90 يوماً..

 

حضرت هذه المسألة بقوة خلال لقاء فوتيل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي رحب في المبدأ بكل دعم للجيش اللبناني وسائر المؤسسات العسكرية والامنية، وعلى كل المستويات مذكراً، ان لبنان، وأكثر من مرة فتح باب الحوار حول «الاستراتيجية الدفاعية» وأنه عازم على استئناف الحوار حول هذه المسألة بعد انجاز الانتخابات النيابية المقبلة وتشكيل «حكومة وحدة وطنية جديدة – من دون أية ضمانات بأن جلسات الحوار يمكن ان تصل الى نتائج مخالفة لتلك السابقة لاسيما وان قدرات «حزب الله» ازدادت اكثر والتهديدات الموجهة اليه تنامت واتسعت – وهي (أي «الاستراتيجية الدفاعية») كانت ومازالت تخطى باهتماماته وتأتي في سلم أولوياته، مع الاخذ بعين الاعتبار الفصل بين «الممكن» و»المستحيل» وما يعترض هذه المسألة من صعوبات وعقبات، لاسيما انقسام الواقع اللبناني بين مؤيد لـ»سلاح المقاومة وتعزيزه اكثر فأكثر، وبين رافض وداع الى الغاء «السلاح غير الشرعي» وحصره بالقوى الشرعية، خصوصاً وان «إسرائيل» لم تعطِ لبنان أي اشارات دالة على مراجعة سلوكياتها وتوفير شبكة الامان بالتوقف عن تهديداتها وخروقاتها اليومية المتتابعة والمتمادية، براً وبحراً وجواً، كما وفي محاولاتها القبض على الثروات الطبيعية اللبنانية في البر والبحر ومنع لبنان من استخدام حقه الطبيعي في استثمار مخزونه النفطي في مياهه الاقليمية.

 

لم ينكر الرئيس عون أهمية ما صدر عن مؤتمر روما -2 لجهة تعزيز قدرات الجيش اللبناني وتأكيد رئيس الحكومة سعد الحريري من ايطاليا (مؤتمر روما -2) التزام لبنان الجدي ببحث استراتيجية الدفاع الوطنية.. لكنه وفي الوقت عينه حذر من مسألة إطالة الوقت وحصر امداد الجيش بأسلحة دون المستوى المطلوب ومنع تزويده بالصواريخ البرية – البرية والبرية الجوية من دون ان ينكر الجهود التي بذلها الجنرال فوتيل لتعزيز قدرات الجيش.

 

الواضح، وبحسب المعلومات، ان الرئيس عون، كما سائر الرسميين والمعنيين من مدنيين وعسكريين، وان لم يديروا ظهورهم الى «التهديدات الأميركية» إلا أنهم في الوقت عينه لم يقدموا أية التزامات.. وقد كرر الرئيس عون القول إنه بانتظار انتهاء الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة ليعود الى طاولة الحوار الوطني لبحث الاستراتيجية الدفاعية، او لاستكمال البحث في هذه الاستراتيجية التي حلت على الطاولة منذ العام 2006 وما قبله وما بعده..

 

وبالتقاطع مع هذا «التطور الجديد» واللافت في توقيته، دخل الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله على الخط ليل أول من أمس عبر «شاشة عملاقة» خلال مهرجان انتخابي في صور، ليعرض بالتفصيل دوافع انشاء «المقاومة» تاريخياً، لافتاً الى ان «الدولة لم تكن تعني لها الجنوب شيئاً.. وهناك اعتداءات إسرائيلية ومجازر.. ولم يكن هنالك خيار آخر بديل عن لجوء أهلنا الى المقاومة – التي أصبحت تملك القدرة والرجال والخبرة والصواريخ التي تستطيع ان تضرب العدو..» مع رسالة واضحة الاهداف خلاصتها «ان مقاومتنا ليست للبيع..» من دون ان يستبعد البحث لاحقاً في «الاستراتيجية الدفاعية» الى جانب الاستراتيجية الاقتصادية وغيرها من الاستراتيجيات.

 

ليس من شك في لبنان أمام استحقاقات ضاغطة، والجميع على قناعة ان مسألة «السلاح غير الشرعي» مسألة «عويصة» وبالغة التعقيد يستحيل معها، في ظل المعطيات المتوافرة – محلياً واقليميا، الاستجابة للمطلب الاميركي – الدولي بالسهولة التي يتصورها البعض؟!