في وقت تنصرف فيه كل القوى السياسية لتكبير حصصها في الحقائب الوزارية من جهة، والحصول على وزارات دسمة صار لها تسميات وألقاب مختلفة (سيادية، خدماتية، دسمة) وهلم جرا من اسماء وصفات، ثمة مشاكل وهموم كبرى يعاني منها اللبنانيون بعيدا عن هموم السياسة والاصلاح ومواجهة الفساد ووقف الهدر ومكافحة الغش والبطالة ومشكلة النفايات وغيرها الكثير من القضايا.
لم يتطرق احد من السياسيين والمسؤولين الى قضايا إنسانية وصحية ونفسية واجتماعية وتربوية بدأت ترمي بثقلها وهمومها على الاسر اللبنانية وابرزها وفق جمعيات ومؤسسات صحية او اجتماعية انه سجل في الاشهر الخمسة الأولى من عام 2018 نحو مئة حالة انتحار معظمها من الشباب ، اي بمعدل عشرين حالة انتحار شهرياً، وهو رقم مخيف في بلد محدود المساحة والسكان، ناهيك عن عشرات محاولات الانتحار او تفكير بالانتحار تم علاجها دون ان تظهر اي حالة إحصائية عنها.
وإذا كانت اسباب هذه الحالة المأساوية تفشي البطالة وسوء الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية، التي تنعكس على الشباب، وخصوصاً فئة الخريجين منهم، بعوامل نفسية متعددة الاشكال تصل عند البعض منهم الى اليأس المطلق، فإن هماً آخر يزيد الاعباء على اللبنانيين افراداً وأسراً هو فاتورة ادوية الاعصاب والمهدئات ومضادات الاكتئاب التي ترتفع عاما بعد عام، لا بل شهرا بعد شهر بسبب الضغطين الاجتماعي والسياسي، او ما يوصف بحالة «الخنق» التي يعيشها المجتمع. كما يسجل ارتفاع في فاتورة الادوية المنومة، مما يعني زيادة حالة القلق عند اللبنانيين.
اردنا تسجيل هذه الهموم عند اللبنانيين، وغيرها الكثير مثل ازدياد جرائم القتل وحوادث السير والمخدرات ومشاكل البيئة والغذاء على سبيل المثال لا الحصر في مرحلة تشكيل الحكومة وما تشهده من اخذ ورد ومد وجزر، لعل طرفاً ما يضعها في عين الاعتبار ويضعها كشرط للمعالجة، بصرف النظر عن حجم الحكومة المنتظرة واسمها ومكوناتها، لأن للبنانيين الحق في حياة آمنة، بعيدا عما يسمعونه من مطالبات بوزارات دسمة وخدماتية وسيادية.