IMLebanon

إلى انتخابات مبكرة

 

لا تنفع محاولات القوى الممسكة بالقرار السياسي التنصل من المسؤولية ورميها على الشركاء الآخرين. والخطاب القائل إننا نريد… وهم لا يريدون، بات من الماضي، كما أن طبيعة التظاهرات التي لم توفر أحداً في مختلف المناطق اللبنانية لا تترك مجالاً للشك، في أن الغضب الشعبي يطاول الجميع ممن يتولون مقاليد السلطة في مشهد هو الأول من نوعه منذ سنوات طويلة.

 

ومن تحصيل الحاصل القول – حتى اللحظة – إن التحالف الحاكم نجح في رسم برنامج تحرك متكامل للحركة الشعبية، وفي مطالب المتظاهرين المعلنة ما يكفي من نقاط جامعة، تبدأ من الخوف اليومي على المعيشة مروراً بانعدام أي أفق للمستقبل وصولاً إلى فقدان الثقة تماماً بالطاقم السياسي، بمن فيه “حزب الله” الذي تعرض إلى انتقادات قاسية من بيئته. لكن السؤال المطروح الآن هو عن اليوم التالي، فإذا كانت الانتفاضة نجحت في تقديم صورة حضارية عن الغضب الموحد للجمهور اللبناني، فإنها في عفويتها وعجز القوى السياسية التقليدية عن الامساك بها، ستبقى عرضة لتدخل تلك القوى وبينها من له تجربة مديدة في تمزيق التحركات الجامعة في مراحل سابقة.

 

لقد تخطت الانتفاضة الشعبية خطابات الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن الالتحاق بإيران ومكافحة الفساد، وبات خطاب “الوطني الحر” عن قلب الطاولة من الماضي، واهتزت صورة الاستاذ، وبدا الرئيس سعد الحريري الذي حمل في السابق أوزار كل العجز، أقل الناس استهدافاً من الثورة على السياسيين. فما العمل الآن وما المخارج التي تحفظ البلد وتحقق الحد الأدنى من مطالب متظاهريه وتمنع ما قد يحاك ضدهم؟

 

ربما ترضي استقالة الحريري البعض في السلطة، لكنها وحدها ليست الاستجابة التي يريدها الشارع الذي يطرح استقالة الجميع، فالمطلوب برنامج بديل، وخطاب يسمي الأشياء بأسمائها، بدءاً من طبيعة الأزمة والحلول المقنعة التي لا ترهق المواطن، وصولاً إلى كشف حقيقة موقف مختلف القوى، ما هو معلن منها وما هو مخفي.

 

كل ذلك سيكون مطلوباً، لكنه لن يكفي، والطبيعي في الحالة الراهنة، أن تتم الدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة تنتج عنها حكومة منسجمة تتولى اتخاذ قرارات تتحمل مسؤوليتها كفريق واحد.