إننا «نرفض» عودة الصراع (وإن سياسياً) بين التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية. بأي صفة نرفض؟ الجواب، ببساطة، بصفاتنا الآتية: أولاً بصفتنا الإنسانية كوننا نؤمن بالوئام والصفاء والسلام. ثانياً بصفتنا المواطنية. فنحن من الذين يدعون الى أطيب العلاقات بين الأطياف اللبنانية كافة ومن باب أولى بين أبناء الطيف الواحد. ثالثاً بصفتنا المسيحية التي عمادها المحبة حتى للأعداء «فأي فضل لكم إذا أحببتم من يحبكم؟» رابعاً وأخيراً وليس آخراً بصفتنا الشخصية فنحن من الذين تأذوا (في ذلك الزمن الأسود) ممّا كان يدور بين القيادتين المعنيتين من صراع دموي، ولا نريد اليوم أن تتوافر العناصر التي تؤدي الى صراع آخر. فإذا كان الأول أدى الى إسقاط دور المسيحيين فإن أي صراع جديد سينهيهم، وربما يشطبهم من المعادلة الوطنية، ليتحقق كلام وليد جنبلاط (ليس فقط عن «الجنس العاطل» بل أيضاً عن «الهنود الحمر»).
لذلك نريد أن نرفع عقيرتنا لنطلق الصوت الى أبعد مدى ونقول لسمير جعجع وجبران باسيل (مع حفظ الألقاب):
1 – لا يحق لكما، مهما كانت «الأسباب الموجبة» (ونحن نشك في وجود هكذا أسباب)، أن تقضيا على التفاهم الذي تبلور في «ورقة معراب»، والذي اسلنا عليه كثيراً من الحبر وأيضاً من مداد العقل والقلوب في آن معاً، في هذه الزاوية بالذات التي واكبته بقوّة في سلسلة مقالات شبه يومية منذ ما قبل التوصل اليه دفعاً و«تحريضاً» الى ما بعد إنجازه دعماً وتأييداً وتصدياً لأي تحفظ عنه أصدر من هنا أو من هناك.
2 – نود أن نصارحكما أننا نحملكما مسؤولية سقوط هذا التفاهم التاريخي الذي توصلتما اليه بشق النفس، وبعد معاناة طويلة، وجهود هائلة بذلها ثنائي إبراهيم كنعان وملحم الرياشي. وهي مسؤولية ستكون أيضاً تاريخية (إنما سلباً)، وستترتب عليها مآس وفواجع كبيرة.
3 – (واستطراداً) – إن كلام فريقي التيار والقوات عن أنهما متمسكان بالمصالحة والخلاف في مكان آخر هو كلام لا نعتقد به، لأن سمير جعجع وجبران باسيل يدركان جيداً أن كلامهما هذا لا يقنع لبنانياً واحداً ولا مسيحياً واحداً… ولعلّه لا يقنعهما تحديداً.
4 – (واستطراداً على الإستطراد) – كم يجب أن يكون المرء ساذجاً ليصدّق أن الخلاف القائم حالياً لن يوصل الى تداعيات سلبية بالغة الخطورة!
5 – وليأذن لنا الوزير جبران باسيل والدكتور سمير جعجع أن نصارحهما بما يخفيه عنهما المقرّبون من كل منهما، وهو ما يقوله اللبنانيون في أكثريتهم: فتش عن الخارج وراء هذا الصراع المستجد بهذه القوة بين معراب وميرنا الشالوحي. وسيّان أكان هذا الإعتقاد السائد صحيحاً وفي محلّه أم لم يكن، فهذه إرادة الشعب… بمن في ذلك الذين يجري إستغلالهم عبر وسائط التواصل الإجتماعي في تبادل معيب للحملات.
يا معالي الوزير جبران باسيل، ويا حضرة الحكيم سمير جعجع، نتوجه إليكما بكل إحترام وتقدير وبمحبة أيضاً، أن ترفضا جرّنا مرّة ثانية الى الكارثة فيكفينا ما فينا.
وكلمة أخيرة: لا يحق لكم في القيادتين، هذا التَرَف!