IMLebanon

لندخل المشكل منذ الآن!؟

دعونا ندخل المشكل منذ الآن…

التيار الوطني الحر بلسان النائب جبران باسيل، سبق أن هدد الجميع، بمن فيهم الأصدقاء والحلفاء، بأنه «يستأذنهم»، وعلى طريقته «الرصينة» و«المهذبة»، بدخول المشكل معهم ومع الجميع وبصيغة معجلّة التنفيذ وغير قابلة للإعتراض أو الإستئناف أو التمييز. وإلاّ… لن يكون هنالك تشريع في البلد، ونختصر ما أضافه إلى إعلان المباطحة السياسية بدخوله في المشكل القائم منذ الآن، بتكرار الشعار المأثور الذي سبق للجنرال أن أطلقه: أنا أو لا أحد…، مضيفين: وبدوني، لن يكون هناك بلد.

من هذه التصريحات النارية والإنقلابية، يتضح مجددا وبشكل أوضح، أن الجنرال يضع الوطن كله بكفة، ويضع نفسه بكفة أخرى، علما بأنه ليس مطلوبا على الإطلاق أن يكون وتياره موافقين على إجراءات ما لا تحوز من قبلهما على الرضى والقبول، وبالتالي يمكنه أن يساندها كما يمكنه أن يعارضها، ولكن تصريحات النائب باسيل، وتهديدات الجنرال قبله بأنه سيترك من يتركه، تدل على تصميم باتجاه واحد: إختلاق المشكل والإستمرار في التعطيل، ولتكن النتائج ما تكون، حتى ولو كانت اضطرابا وخرابا ودمارا وزوالا لهذا الوطن بكل ما يحتوي وينتهج ويمثل.

هذه الإرادة القادمة من فوق، والمستندة دائما إلى قوة وقدرة ونفوذ ومنافذ الحلفاء تصبح مردودة ومرفوضة بقوة، عندما ترد في إطار وطني شامل، خاصة إذا لم تواكبها موافقة ومؤازرة حزب الله الذي يتأبط ذراع مواكبيه ومؤيديه، يسايرهم حيث تدعو المسايرة، ويعارضهم بحنكة ودراية حيث تدعو المعارضة، « ويتركهم » اذا ما قضت مصلحته العليا تركا وانفصالا مشفوعا بشيء من الملاينة والمراهنة، دون أن نسقط من الإحتمال أن الحزب قد يغير رأيه وموقفه فيؤيد مطالب الجنرال بحذافيرها ويضم مواقفه بشأنها إلى مواقف الحزب من قضية إنتخابات رئاسة الجمهورية، خاصة وأننا أمام « زنقة» قوية للحزب وهو قد باشر « حربه الضروس» في القلمون، وعليه، سواء كان الجنرال في «مشكله» القادم فريدا وحيدا، أم كان في رفقة الرفقاء والحلفاء ومن بينهم رفيقهم الأعلى جميعا، إيران وتوجيهاتها الحاسمة، فإن ما يهدد به شخصيا، وبواسطة الوزير باسيل، هو موقف عبثي لن يؤذي حكومة شبعت إلى أقصى الحدود من الطعنات والصدمات وأصبحت لديها مناعة شديدة حتى في حالة استقالة الوزيرين العونيين منها، فهي في واقع الأمر كانت منذ بداياتها حكومة تصريف أعمال، وهي إن حصلت الإستقالة المذكورة، ستبقى حكومة تصريف أعمال، ولن يغير غضب الجنرال وحركاته المشاكسة، في وجهة السفينة السياسية إلا القليل، حيث تفرض الظروف التي يتشارك الجنرال مع الحزب الراعي والحافظ، في مسؤولية وجودها وأثرها المقصود ولما خطط له بوضع البلاد في حالة مكبلة بأطنان في المعيقات، ولا يهم الحزب في شيء طالما أنه يضر بلبنان وحده وباللبنانيين، ولا يطال الضرر إيران والإيرانيين وسياسة الولي الفقيه، وكذلك الأمر فإن الجنرال لا يهتم لا بالضرر المحتمل الذي يمكن أن يلحق به وبالحجر الرئاسي الملقى عليه بما منعه وسيمنعه من الوصول إلى سدة الرئاسة الأولى، وهو اليوم ما زال يغامر بكل شيء، حتى بشعبه وشعبيته طمعا في الوصول إلى مسافة قريبة منها، إلا أن الأيام تثبت أن هذا الطموح الذي يطغى عليه وعلى احلامه ومساعيه، هو أضغاث أحلام، يحطم الواقع العملي أسسها، وكلما اشتد تأييد الحزب له، وكلما تعلق في الصغيرة والكبيرة بالحبال المشدودة إلى المطامح الإيرانية، فهو بالنتيجة، يشد بهذه الحبال بالقدر الذي يشد فيه على آماله وأحلامه بالصدد الرئاسي، ولا نعلم كيف أنه قد حاول تكرارا أن «يثبت» أنه رجل الرئاسة الحيادي الذي يحق له أن يمثل اللبنانيين جميعا، في الوقت الذي ما زال يرص صفوفه مع صفوف حلفائه المعروفين والمتهمين بوضع لبنان أرضا وشعبا ومصيرا، في حضن المطامع الفارسية، ولا نعلم كيف يوافق الجزء الأوسع والأهم من اللبنانيين، على ترئيسه إنطلاقا من حياديته المزعومة وهو المتماشي مع حرب الحزب في الداخل السوري إنطلاقا من مبادئ إيديولوجية تصرح، باللسان الفارسي الفصيح، أن اربع عواصم عربية أساسية (بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء) قد أصبحت ضمن إطار الدولة الإيرانية وتوجهاتها الصفوية، وانطلاقا من المبدأ الذي أطلق من طهران، بأن تأييد الحوثيين في الحرب القائمة في هذه الأيام في اليمن، انما هو توسيع لمجالات ومواقع الهلال الشيعي الذي تطبِّل له إيران في هذه الايام وتزمِّر، زاعمة أن من شأنه أن يقرب الهلال المذكور من الأرض والدولة والمطامع الإيرانية، ويزيد من رقعتها وفاعليتها وخطرها على الجوار الخليجي.

الشعب اللبناني بغالبية جهاته وفئاته، يعي هذا الأمر كل الوعي، ويرصد تحركات وانتهاكات المخالفين له ولفكره ولمبادئه الوطنية وأثر ذلك على كل الساحات في هذا الوطن الجريح، وهو يرى بدايات لتكون أجواء وسياسات ومواقف جديدة، حافلة بالحزم والعزم، بدأت انطلاقاتها من خلال عاصفة الحزم التي انطلقت من الرياض، حيث تلقت كل الإستجابات الملائمة من أوسع وأهم الشعوب والدول العربية والإسلامية والتي بدأت ترى في ما وصلت إليه القيادة الإيرانية من تجاوزات قد تخطت المدى المقبول والمعقول، وإن بعض النتائج التي تتهرب إيران من مجرد السماع بها قد بدأت تحركاتها في الداخل الإيراني من خلال الأحداث الخطيرة التي تحصل في هذه الأيام في الأماكن الإيرانية الكردية، ويبدو أن الأمر نفسه ينتظر حراكا وشيكا في أماكن أُخرى من إيران يسودها الإضطهاد والتهميش، علما أن بعض النتائج الأخرى قد بدأت تتجسد بقوة وانتشار واسع على مجمل الأراضي السورية، فهل يتلقف المتلهفون درس المستجدات؟

هي فرصة للجميع للبحث الجدّي بعد الآن عن حل يقيهم شرور الأضرار والأخطار الكبرى الحاصلة والتي قد تحصل.