Site icon IMLebanon

الى… حزب الله

 

كلام من الأم الحاضنة، وليس فقط من البيئة الحاضنة، الى…«حزب الله»!

ليست صناديق الاقتراع، داخل هذه المتاهة، هي التي تحدد ما أنت ومن أنت، لا في المعادلات اللبنانية، ولا في المعادلات الاقليمية. أليس الحزب من دحر الاحتلال الذي كان يتوخى تحويل لبنان الى ضاحية (ضاحية الصفيح) لجبل الهيكل؟

أو ليس مقاتلوك الرائعون هم الذين جعلوا ضباط، وجنود، يوشع بن نون يبكون في وادي الحجير. آنذاك كتب ديفيد غلوكسمان الذي فقد ابنه في حرب تموز 2006 «هذه المرة، ذهبنا بأقدامنا الى المحرقة».

ليست الصناديق هي مركز الاختبار بل الخنادق. مهما أشاح ساسة لبنانيون بأنظارهم عن الحقيقة، الكل يعلم أنه لولا معركة القصير لكانت بعلبك وزحلة أرضاً يباباً في قبضة البرابرة، ولتحولت طرابلس الى قندهار أخرى على ضفاف المتوسط.

الانتخابات في لبنان مستنقع للديمقراطية. قانون انتخاب بتعرجات سريالية. قلما تجد فيه مكاناً للقيم السياسية أو للقيم الدستورية. الناس، هكذا، طوابير بشرية، قصاصات بشرية، بالدور الفولكلوري الذي يتولى صياغته مهراجات الجمهورية.

لا داعي للقلق في النظر الى صناديق بعلبك ـ الهرمل حيث الناس يرددون أنهم ليسوا زنوج الجمهورية فحسب. انهم زنوج الطائفة أيضاً. من زمان وهم متروكون للقضاء والقدر. أحدهم قال لنائب يصدح عبر المنابر «يا صاحبي، الطريق الى الجنة أعرفها. أريد طريقاً الى قريتي».

لا شك، أدنى شك، في ولاء البيئة الحاضنة. هي جاهزة في أي وقت، وتعتبر ان السيد حسن نصرالله ليس فقط قائداً لها، وانما قائداً للأمة التي تنتقل بها الأنظمة من قاع الى قاع. الانتخابات في البقاع الشمالي والشرقي تخضع لظروف معقدة من لا يعرفها من قادة «حزب الله»؟

كثيرون يشعرون أن ثمة خللاً في اختيار بعض المرشحين. يقولون أن البيئة الحاضنة لا تضم أدمغة استثنائية فحسب بل وأدمغة خارقة.

أين هم هؤلاء، ولماذا يفترض أن يبقوا في الزوايا؟ الحزب الذي يخوض صراعاً هائلاً مثلما يحتاج الى كل يد (على الزناد) يحتاج الى كل دماغ يتقن المواجهة مع السيناريوات، ومع الحملات، ومع الأصوات، أصوات الذئاب ان على الورق أو على الشاشات، وحتى في الأروقة الديبلوماسية والسياسية.

ندرك، وبدقة، كيف أن كيفية تدمير الحزب تشغل التوتاليتاريات الرثة في المنطقة العربية، والحاخامات القابعين في ليل الايديولوجيا، وذلك الطراز من الساسة اللبنانيين الذين لا يرون في اسرائيل العدو.

لماذا اخفاء هذه الحقيقة الساطعة ؟ بين القادة، وبين، الوزراء، وبين النواب، من يجدون أن تل أبيب أقرب اليهم من دمشق، وحتى من صور والنبطية وبنت جبيل.

مداولات كثيرة جرت بين ثامر السبهان وبعض الساسة، والمفكرين، اللبنانيين حول كيفية حصار «حزب الله»، وحول كيفية اجتثاثه، دون أن يعنيهم أن ذلك السيناريو الغبي الذي وضعوه بأصابع اسرائيلية، انما يتوخى تفجير الدولة في لبنان، الغاء الدولة في لبنان.

هكذا كانت نظريتهم لاخماد أخر صوت يرفض صفقة القرن التي على حساب أزمنة العرب، وثروات العرب، وعظام العرب.

ليست صناديق الاقتراع لمجلس نيابي أقرب ما يكون الى اللويا جيرغا الأفغانية، هي من تحدد شعبية «حزب الله»، وقد حدث أكثر من خطأ في الاختيار، وفي الدفاع، بتعال، عن هذا الاختيار. هل كان واقعياً القفز فوق بعلبك وعرسال؟

نعرف أين هو السيد حسن نصرالله، وكيف أن المشاغل الاستراتيجية تستنفد الليل والنهار، ولنا معه حديث حول التغيير، وهو بالأخلاق الشاهقة التي تحافظ على رفقة الطريق، رفقة بداية الطرق، ومشقات الطريق.

نقول للسيد انك الآن قائد الأمة، القائد التاريخي، بعبقرية العقل وبعبقرية القلب. لانقبل القول ان التغيير ينبغي أن يبدأ بالأمين العام. أنت رجل استثنائي، ورجل فذ. ولقد سمعنا ما قاله قائد القوات البرية الاسرائيلية، وما يقوله أكثر من بلاط عربي وغربي، حين يراهنون على قتلك.

القادة العسكريون، والقادة الأمنيون، الذين أظهروا كفاءة فوق التصور في المواجهة، وفي احتمالات المواجهة، مسألة ليست للبحث. هذا ليس بالوقت الملائم للقول باحداث تغيير في الوجوه، على المستوى السياسي، لكن السيد يدرك ما هي تداعيات البيروقراطية على مؤسسة حزبية تتمع بكل تلك الديناميكة في التعاطي مع الصراع المتعدد الوجوه، والمتعدد الاتجاهات، مثلما هو متعدد الآليات، كما يدرك ماذا تعني جدلية الأزمنة.

البيئة الحاضنة تعتبر أن اعادة الهيكلة هي الأساس في أي مسار ثوري، وبمنحى استراتيجي. الحزب في الخنادق الأمامية ضد البربرية، سواء تلك التي تحت الثريات أم تلك التي في حالة اجترار ايديولوجي داخل الكهوف.

انه «حزب الله». أكبر بكثير من أن يستثيره القلق في هذا الكرنفال…