Site icon IMLebanon

أن نُشعل شمعة البيكاديللي أفضل من لعن ظلام الملفات

 

 

من كثرة انشغال اللبنانيين بالملفات والأخبار التي تشغل البال، كالكهرباء والمياه وازدحام السير والنفايات وزيادة الأقساط المدرسية، مرَّ خبر مسرح قصر البيكاديللي مرور غير الكرام، فلم يحز على ما يستحقه من اهتمام وتكريم، كما كان عليه مسرح البيكاديللي منذ افتتاحه عام 1965 أي منذ أكثر من نصف قرن.

 

 

الخبر يقول أنَّ وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري قرر وضع مسرح قصر البيكاديللي على لائحة الجَرد العام للأبنية التاريخية، وجاء في حيثيات القرار أنَّ المسرح المذكور يُمثّل قيمةً تاريخيةً وفنيةً في ذاكرة الوطن.

هو كذلك، فقد شهد أروع المحطات الفنية، من مسرحيات السيدة فيروز التي استهلتها بمسرحية هالة والملك، إلى عشر مسرحيات أخرى. ومن باليه بولشوي، إلى أوبرا فينواز، إلى غيرها من الأعمال الفنية التاريخية وعمالقة الفن الفرنسي والعالمي، أمثال داليدا وميراي ماتيو وشارل أزنافور.

 

استوحى اسمه من أحد المسارح الشهيرة في لندن، لكن الحرب في منتصف سبعينيات القرن الماضي أسدلت ستارته المخملية. لكنه عاد بعد الحرب، ثم احترق في مطلع الألفين وبقي على حاله.

أن يُعاد مسرح قصر البيكاديللي، ليس بالخبر الثانوي، إنه استعادة لروح شارع الحمراء الذي كان قطعةً من رئة بيروت التي كان يتنفس فيها اللبنانيون والأشقاء العرب والسياح الأجانب. وأين العاصمة من هذه الرئة اليوم؟

وكيف تتنفس؟

هل تتنفس الهواء السام المنبعث من الكوستابرافا وبرج حمود، بسبب النفايات المجمعة بطريقة غير علمية؟

هل تتنفس من انبعاثات أكثر من مليون سيارة تجول فيها يومياً؟

هل تتنفس من انبعاثات مئات آلاف مولدات الكهرباء التي تعيش بين المنازل وعلى مداخلها وأحياناً تلاصق غرف الجلوس والنوم؟

مسكينة بيروت! إنه السباق غير المتكافئ بين الموت البطيء والعودة البطيئة للحياة فيها. ولا مبالغة في هذا الكلام، فالمطار ملاصق لمكب نفايات هو الكوستابرافا.

والمرفأ ملاصق لمعمل النفايات في الكرنتينا وقريب من مكب النفايات في برج حمود.

 

لكن المشكلة أنَّ هذا هو البلد:

مشاكله وأزماته تنتقل من عهد إلى عهد، فتتراكم بدل أن تُعالج.

أزمة الكهرباء بدأت مع انتهاء الحرب عام 1990. أكثر من ربع قرن على هذه الأزمة، وما زالت في ذروتها.

أزمة النفايات تحتفل هذا الشهر بمرور ثلاثة أعوام على اندلاع انبعاثاتها بعد المهلة التي أعطيت لإقفال مطمر الناعمة، وبعد ستة أشهر من ذلك التاريخ اندلعت الأزمة.

أما المشكلة الكبرى فأن يعيش الناس على أعصابهم لمعرفة ما إذا كانت الإنتخابات النيابية ستجرى أم لا.

 

ومع ذلك، وعلى رغم كل شيء، يبقى هناك أمل:

ألم يُبعَث مسرح البيكاديللي من الرماد؟

تفاءلوا.