IMLebanon

إلى غبطة البطريرك الراعي والسّادة المطارنة

 

صاحب الغبطة السادة المطارنة الأبرشيات الرهبانيات والجمعيات اللبنانية المارونية لجان الوقف أهلنا،أنتم العين الساهرة ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً لخدمة المسيحيين والموارنة ل لبنان بكافة مؤسساته المدنية والعسكرية الشرعية أتوجه إليكم بثقة تنبع من مرؤتكم وغيّريتكُم على لبنان الوطن السيّد المستقل لإنقاذه من سوق النخاسة. يستحيل علينا أن نبقى في دوّامة التبعية والإنهيار والإستسلام والتقوقع من ضمن سياسة زبائنية منتهجة من قبل طبقة سياسية فاسدة لا بل مُفسدة باعت كرامتها ورهنتْ الوطن وجلبتْ لنا العار بعد أنْ كان تاريخنا زاخرًا بالكرامة وعزّة النفس وتصدير الحرف وبيروت أم الشرائع ولبنان المبُدع الذي يكاد يتحوّلْ متسولاً على رصيف الأمم.

 

أيُها الأحبار، يستحيل علينا أن نسكُتْ عن ضياع تاريخنا وتزوير هويتنا الوطنية وتزوير إرادتنا في ممارسة فعل سياسي ديمقراطي سليم مبني على أسُسْ وقواعد الديمقراطية الصادقة لا كما هي عليه اليوم من تزوير فاضح نخجل من تعداد وإستذكار سيئاتها وأكبر دليل على هذا الأمر الإنتخابات الأخيرة التي أفرزت مجلسًا نيابيًا أقل ما يُقال فيه إنه مجلس « الفشل والعار والمصالح الخاصة المعطوفة على ما خليّتم… وما خلّـــونا…» وتطول اللائحة. لا نريد أن تذوب هويتنا وتاريخنا في أتون المصالح الخاصة ونحن على مسافة وجيزة من إعادة تكوين سلطة صُوريّة حتمًا ستطيح بكل إنجازات أمتنا اللبنانية العظيمة ولا حاجة للإستناد لبعض الأدلة  وبصريح العبارة أخجل من الكتابة عنها خجلاً منكم وقرفًا من مضمونها.

 

أيُّها الأحبار، إنّ السياسة على ما تعلمتُ أثناء تخصصي في علمها وعلى أكبر أوحسن دكاترتها في الجامعة اللبنانية حملتْ رسالة ساميّة وعلميًا تحمل في مضامينها فكرًا نيِّرًا تعلَّق عليه الأمال وهي رسالة العطاء والمحبة والتضحية والمحافظة على الكرامات والأمانة لأهلنا ولتراب الوطن الذي يحتضن رفات أمهاتنا وأبائنا وأجدادنا وقديّسينا الأطهار. فلا عجب أنْ نقف في وجه كل من يتعاطى الشأن العام بلغة العار والإستسلام والتبعية،لأننا كمناضلين نسلك سلوك طريق الحق لأننا والحق أكثرية وشهود للحقيقة في وطن تحكمه جماعة سياسية فاسدة مُفسدة ترهن تبيع تشتري تتعبّد للمال الحرام وتسوّق أفكار بعيدة كل البُعد عن طموحاتنا وهويتنا اللبنانية المشرقية.

 

أيُها الأحبار، نحن من أمة لبنانية عظيمة لها وطنٌ إسمه لبنان دعائمها الجماجم والدم تتحطّم الدُنيا على أقدامها ولا تتحطّم. أمام خطورة المرحلة وتزامنًا مع الإستحقاقات الداهمة وتماشيًا مع تاريخنا النضالي الشريف علينا أن نضع إستراتيجية في معانيها المتشعبّة والمتعدِّدة ترمي إلى وضع خطة دفاعية إستباقية بجميع مستلزماتها الفكرية البشرية والمادية من قوى النخبة الفاعلة سياسية – إقتصادية – إجتماعية – مالية – عسكرية… لتدارك الإستراتيجيات الخارجية الهدّامة المستهدفة لوطننا ولشعبنا والمغطّاة من قبل هذه الطبقة السياسية الفاسدة وذلك كله لمعالجتها في مختلف النزاعات التي سبّبتها من الداخل والخارج. والإستراتيجية المقصودة إنما هي فنّ السعي السياسي الشريف لتخليص لبنان وشعبه من الإستراتيجيات المرتكزة على المصالح والأنانيات الداخلية والأطماع الخارجية.

 

أيُّها الأحبار، نسأل بإسمكم وبإسم شعبي المتألم : هل المجلس القادم سيكون على مستوى الآمال التي يعقدها الشعب عليه ؟ هل سيستطيع مساندة ومؤازرة الشرفاء في بناء دولة المؤسسات والقانون ؟ هل سيستطيع التعالي عن المصالح الشخصية في سبيل المصلحة العامة المشتركة أم ؟؟؟ من خلال ما لاحظناه نرى أنْ المجلس الحالي مجلس عاجز عن القيام بمهامه التشريعية وعاجز عن إعتماد لغة الحوار فيما بين أعضائه وبالتالي إنّ هذا المجلس فاقد للمصداقية التشريعية والتمثيلية لأنّ القانون التي أجريَتْ الإنتخابات على أساسه قانون جائر، وعمليًا من الطبيعي أنّ الإنتخابات القادمة ستكون نسخة طبق الأصل عمّا هي عليه اليوم. الإنتخابات القادمة هي أكبر عملية تزوير للإرادة الشعبية لأنّ المرّشحين ومع إحترامنا للبعض منهم رهائن لدى رؤساء الكتل ولم يُختاروا على أساس الكفاءة بل على أساس الولاءات والمصالح الخاصة ومن أولى أولوياتهم المحافظة على الكراسي وصرف المال العام ضمن عجز في الموازنة على ما هو قائم منذ سنين وهذا الأمر لا ينطبق على ما يُسوّق له مُدّعي العفّة السياسية تحت عنوان «محاسبة المرتكبين وإعادة الأموال العامة وعدم هدرها…»

 

أيُها الأحبار  أيُها الناخبون، الإنتخاب أرقى ممارسة ديمقراطية يقوم خلالها الناخب بعملية الإختيار بقرار حر فاعل مسؤول، حر بمعنى الإرادة الشخصية في الإختيار لا كما هي عليه اليوم حيث يُغدقون عليه الوعود ويمنعون عنه حقوقه المالية والمعيشية كالأزمة التي نعيشها جميعًا والتي بلغتْ أصداؤها كل الأمم. إختيار فاعل بمعنى الإختيار السليم وبدور الورقة التي تُلقى في الصندوق لا كما هي عليه اليوم لوائح مقفلة ملغومة مُلزمة…

 

أيُّها الأحبار يا ممثلي الرب على الأرض يا حماة الرسالة السامية التبشيرية كفى تقاذف الإتهامات والتهرُّب من المسؤولية أين نحن اليوم من غضب السيّد المسيح على كهنة اليهود الذين جعلوا بيت العبادة مغارة لصوص، وفي غضبه يسوع طهّر الهيكل رمزًا لإستعداده أن يُطهِّرْ هياكل الله التي هي قلوب البشر… أتى مستعدًا ولم يُبطىء في عمله وصنع سوطًا من الحبال وطرد من الهيكل كل ما لا يجب أن يكون هناك…

 

أيُّها الأحبار، إنّ الخاطىء جبان تجاه الناس وتجاه ضميره بينما البار جريء هل سألتم من قصدوكم غداة عيد الفصح عن واقع المسيحيين في إدارات الدولة علمًا أنهم لا يشغلون أكثر من 25% من وظائف الدولة المدنية في جميع الإدارات والأخطر أنّ 35% منهم إقترب موعد تقاعدهم. كما تُشير الدراسات أنه يُتوّقع هبوط عدد الموظفين المسيحيين عام 2025 إلى 20%، ولن يتجاوز عددهم سنة 2030 ما مجموعه ما بين 10 و 12 % في أفضل الأحوال إذا ما إستمّر الوضع الحالي. أخرجونا من لعبة الصوت إلى لعبة الفعل وليس المهم أن نصوّت المهم أن نفعل وليتحمّل كل فردٍ منا مسؤولياته.

 

أيُّها الأحبار، لا نريد إنتخابات فولكلورية ومن باب التقليد على ما ذكر أحد المناضلين، ومن دون شعور بمسؤولية ما نفعل وما سينتُجْ  عن هذا الفعل، عليكم أن تُقارنوا ما حصل بالأمس وما نعاني منه وتحكموا، وإن حكمتكم فإعدلوا وإعترفوا بالخطأ، والسلام.