صاحب الغبطة،
رغبت في التوجه إليكم ومخاطبتكم بكل احترام عشية انعقاد السينودس المقدس الدائم لكنيستنا الرومية الملكية. وهذا ما افعله في كل مرة يكون هناك استحقاق مهم يعني طائفتنا او وطننا، ويكون لكم أو لغيركم في هذا الاستحقاق تأثير وموقف وتكون لنا حيال هذا الاستحقاق ملاحظات أو علامات استفهام…
صاحب الغبطة، حول موضوع المدرسة البطريركية…
عندما تسرّب خبر تأجير المدرسة البطريركية في زقاق البلاط عبر الموقع الالكتروني «ليبانون فايلز»، صُدمت وصُعقت ولوهلة أولى لم أصدق هذا الخبر واعتبرت ان هناك خطأً ما وانتظرت ان يأتي توضيح حول هذا الموضوع ينفي هذا الخبر. لكن لما حاول البعض تحوير الحقيقة وذر الرماد في العيون محاولين تضليل الرأي العام بتلفيقات من هنا والاعيب من هناك، عندئذ لم أتردد في اتخاذ الموقف المناسب مع طبيعة هذه القضية وفي أن أوجه رسالة علنية إلى كل من يهمه الأمر بأن هذه العملية يجب ان لا تمر، وأن المساس والتفريط بموقع تاريخي وصرح وطني وتربوي عريق للطائفة يجب ان لا يحصل.
صاحب الغبطة، اصارحك القول ان مشروعاً كهذا يجب ان لا يمر حتى لو حاول البعض القول ان ما يحصل هو «شراكة» وليس تأجيراً ، ان كل هذه المسميات ( ايجار او شراكة) او غيرها من تسميات ما هي في الحقيقة إلا رهن للمدرسة لمدة سبعة وعشرين عاماً وتغيير لهويتها.
صاحب الغبطة، حول موضوع بيع اراضي الطائفة في عبرا …كان لا بد من الوقوف في وجه عملية تأجير المدرسة البطريركية في زقاق البلاط ، قبل ان تصبح أمراً واقعاً، كون ما حصل في أملاك الطائفة في بلدة عبرا لا يزال ماثلاً امامنا ببشاعته، ولن نسمح بان يتكرر مجدداً، خصوصاً ان المتورطين في بيع اراضي الطائفة في عبرا والذين نعرفهم واحداً واحداً هم انفسهم مسؤولون اليوم ايضاً عن تأجير المدرسة البطريركية، وهؤلاء مع الأسف يا سيدي لا هم لهم سوى الحصول على مال خسيس ولو على حساب كنيستهم واوقافهم.
صاحب الغبطة، إذا كان بعض القيمين على املاك واراضي الكنيسة يبيعون ويؤجرون املاك واراضي الطائفة، فماذا يمكننا القول للناس العاديين من أبناء كنيستنا الذين يعيشون في قراهم في مناطق نائية وبعيدة عن العاصمة بخوف وقلق على المستقبل والمصير ؟ وكيف يمكننا ثنيهم عن بيع أراضيهم ودعوتهم للتمسك بأرضهم وأملاكهم وان لا يتنازلوا عنها في ظل عروض مغرية لاستدراج عمليات البيع والصفقات وتغيير هوية اصحاب الارض خصوصاً اذا كان بعض القيمين على املاك الكنيسة يبيعون ويؤجرون اراضيها وممتلكاتها ؟
صاحب الغبطة، ان شعبنا المسيحي بكل أطيافه بحاجة ماسة إلى كل ما يرسّخه في أرضه ويزيده تعلقاً بها في وقت تقوى فيه نزعة الهجرة إلى الخارج … فكيف لنا ان ننسى ان هناك مسيحيين وتحديداً من ابناء طائفة الروم الكاثوليك الأبطال يقفون في هذه المرحلة على الخطوط الأمامية في مواجهة الارهاب الوافد عبر الحدود والمتربص شراً بهم في جرود البقاع الشمالي دفاعاً عن عرضهم وارضهم وبلداتهم في (رأس بعلبك والفاكهة والقاع).
صاحب الغبطة، في هذه القرى الحدودية يقف ابناء طائفتنا الشرفاء خلف جيشهم الباسل صامدين صابرين وقد قرروا البقاء في أرضهم والدفاع عن وجودهم وممتلكاتهم مهما غلت التضحيات واشتدت الصعوبات، فهل من المعقول والجائز ان تصدر الآن إشارات وخطوات من كنيستهم تؤدي إلى إحباط عزائمهم ومعنوياتهم والتشويش عليهم ؟
صاحب الغبطة، ان هذا الامر يجب ان لا يمر، ونحن على ثقة انه لن يمر، لاننا نعوّل عليكم وعلى حكمتكم وحرصكم على كرامة الطائفة وسمعتها ووحدتها ، الم يكف طائفة الروم الكاثوليك ما تعرضت له وما زالت من غبن وانتقاص واجحاف في حقوقها ومراكزها ومواقعها في الدولة، ومن تهميش وتحجيم لدورها ومشاركتها في الحكم وفي صناعة القرار الوطني، حتى يلحق بها ضرر وأذى من داخلها وممن يفترض أنهم مؤتمنون على مقدراتها الكنسية .
صاحب الغبطة، أما في الشأن السياسي والوطني العام، فأتمنى على سينودسـكم المقدس الدائم رفع الصوت عالياً، لأنه طالما ان النظام المعمول به في لبنان هو نظام طائفي فيجـب ان لا نقبل بأي شكل من الاشكال وتحت أي حجة كانت الانتقاص من حقوق وشأن طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، وان لا نكون شركاء فعليين في القرارات في هذا البلد وفي صلب المعادلة.
فأي بدعة هذه التي استحدثت بعد اتفاق الطائف بدعة الطوائف الثلاث الكبرى التي تحصر بها الرئاسات والوزارات السيادية والمغانم والحصص… وبدعة الطوائف الأساسية الاخرى التي لا مكان لها في الصفوف الأمامية وتعامل كطوائف من الدرجة الثانية.
هذا الوضع لا يجوز ان يستمر كونه تسبب في تراجع أحوال الطائفة وأوضاعها، وهذا التمييز في النظرة والمعاملة بين الطوائف والمكونات اللبنانية لا يجب ان يستمر كونه يحدث خللاً فاضحاً في التوازنات الطائفية في بلد بُنيَ نظامه على أساس طائفي.
غبطة البطريرك، في الختام اقول لكم يجب وضع حد لهذه العملية وضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه التفريط بأملاك طائفتنا ونحن معكم والى جانبكم، كما ارجو من الله ان يعطيكم القوة والعزم مع الاساقفة الاجلاء خلال السينودس الدائم وان يسدد خطاكم لرفع شأن الطائفة وابنائها، والتصدي لهؤلاء التجار الذين يدنسون كنيستنا وطردهم من الهيكل تماماً كما فعل سيدنا يسوع المسيح والقول لهم بسخط وغضب، «بيتي بيتا للصلاة يدعى، أما أنتم فقد جعلتموه مغارة لصوص».