في الداخل حركة سياسية وحكومية من دون بركة ، يخرقها بين يوم وآخر قنبلة دخانية من هنا ولغم كلامي من هناك ، يؤشران الى الدرك الذي وصلت اليه الامور ، التي من شأنها ان تشكل اختبارا للمناخ السياسي ومدى ثباته وقدرته على مواجهة عواصف المواقف الملتهبة من جهة والخلافية الشائكة من جهة ثانية، نظرا الى المرتقب من كلمات ستطلق خلالها، وخصوصا في الافطارات الرمضانية المنتظرة .
فاطلالتي النائب وليد جنبلاط ، وقبلها وزير الداخلية والبلديات رسمتا ملامح صورة انتخابية جديدة، لفحت أوساط الرابية بموجات تفاؤلية بارتفاع أسهم الجنرال الرئاسية، التي تجزم بأن كلام المشنوق أطاح بفرصة فرنجية بالوصول الى بعبدا، ليجهز عليها «عرابها المتقلب» بتفجيره قنبلة دعم العماد «المشروط»، الامر المرفوض عونيا، ما عزز قلق بيت الوسط لم يكن ينقصه سوى كلام كليمنصو ليزيد من طين ريفي بلة المشنوق المتربع على ظاهرة طرابلس بنتائج انتخاباتها البلدية، التي نعى من خلالها البيك ورقة ترشيح فرنجية، فاتحا للمرة الاولى الباب امام خيارات غمز فيها من قناة قائد الجيش دون ان يسميه مستشهدا بكلام اللواء، ما يطرح الكثير من التساؤلات ، مرجحا فرضية الخلافات المتصاعدة بين الحريري والمملكة، حول ما يجري تحضيره في الكواليس، بحسب ما تؤكد المصادر، والذي يدور حول اقتراح بان يرضى المكونان الشيعي والسني بشخصيتين من الصف الثاني،على ان ينسحب ذلك على رئاسة الجمهورية.
من هنا لا تخف مصادر سياسية لبنانية واسعة الاطلاع خشيتها من ملامح تهميش الازمة الرئاسية التي تبدو متجهة نحو مزيد من التعقيد ، اقله شكلا، في ظل انسداد افقها اللبناني وتكثف العوامل الخارجية التي لا تفسح للآمال المعلقة على مداخلات اقليمية ودولية ،لافتة الى ان التوتر المتصاعد حول الازمة الرئاسية سيرخي ذيوله الثقيلة على موضوع قانون الانتخابات مع تصلب القوى المسيحية اكثر من السابق وان لحسابات مختلفة في رفضها للسير بقانون الستين غير المعدل ، فيما لا تبدو واضحة مواقف القوى الاساسية الاخرى، وهو ما لعب البيك الجنبلاطي على وتره في مقابلته «جازما» برفضه للستين وتمسكه باقتراح القوات اللبنانية المختلط، داعيا المستقبل لتحديد موقفه.
واشارت المصادر الى انه في الوقت الذي يستبعد ان تؤدي فيه مبادرة عين التينة الى تحقيق اي خرق ،مع عودة طرح الاسماء الى مربع الازمة الاول، لم تبرز واقعيا اي نتائج ملموسة لاقتراح السنتين الهجين، ما يؤشر الى خلو جعبة اللاعبين الدوليين من عوامل التحرك او الاندفاع الجدي نحو الازمة اللبنانية، على وقع التطورات الميدانية المتسارعة سوريا وعراقيا وتعاظم سيناريوهات التهديد الامني لمظلة الاستقرار الداخلي.
في ظل كل ذلك لن تكون المرحلة المقبلة الا محفوفة بمزيد من الاشتباكات السياسية داخل الحكومة وعلى طاولة الحوار بحسب المصادر، ما سيرتب نشوء مخاوف اضافية من تداعيات الازمات الداخلية والخارجية التي تحاصر لبنان، والتي استبقها اصدقاء لبنان في الضغط على القوى المحلية للتعامل مع التطورات بما تشكله من خطر متعاظم يهدد الكيان والنظام، رغم محاولات تركيز دعائم المظلة الدولية الحامية للاستقرار الامني والتاكيد على ما يحظى به من غطاء ، عبرت عنه الزيارة المشتركة للسفيرين الاميركي والبريطاني الى قيادة الجيش في اليرزة ومعاينتهما عن كثب للظروف التي تعمل في ظلها الوحدات العسكرية والانجازات التي يجري تحقيقها، ما اثار اعجاب الفريق العسكري المرافق للسفيرين بدقة وحرفية العسكريين اللبنانيين وبدرجة التنسيق بين مختلف القوى العسكرية والامنية التي ادت الى تحقيق انجازات نوعية في الحرب الاستباقية ضد الارهاب خلال الايام القليلة الماضية، والتي لم يكشف عن بعضها لاسباب تتعلق بالتحقيقات وسريتها وللايقاع بمزيد من الخلايا التي باتت قاب قوسين او ادنى من السقوط،ما خلق جوا من الارتياح ،وان محفوفا بالقلق، لدى المواطنين عشية شهر رمضان.
في ظل هذا المشهد المعقد،من المستبعد ان يخرج الستاتيكو اللبناني عن الاطار الذي يحكمه، والذي سيكون متسما باضرار واسعة اضافية خلال اشهر الصيف المقبلة، حيث تبدأ الازمات الاجتماعية والاقتصادية تشكل نقطة الضعف الخطيرة المتصاعدة التي ستحاصر الجميع وسط عجز داخلي عن كسر اي من حلقات الدائرة المفرغة الكبيرة التي تدور فيها البلاد، اذ يبدو واضحا من آخر فصول التعقيدات التي تحتل صدارة الاهتمامات حاليا، ان مبادرة الرئيس بري للخروج من الازمة، تصطدم بعقدة الخوف من فخ المؤتمر التاسيسي واعادة تكوين السلطة خلافا لاتفاق الطائف والمعادلات التي ارساها، في ظل تسريبات عن رفض غربي لمسعى عين التينة .
الاكيد ان الخريطة السياسية للمنطقة تشهد تغييرات كبيرة وسريعة، تعيد رسم تحالفات مفرزة واقعا جديدا قد يغير المعادلات التي ظن الكثيرون ان الاتفاق النووي الدولي – الايراني قد ارساها، ومن ضمنها بالتاكيد لبنان الذي يقع في قلب الدوامة وعلى نقاط تقاطعها.