Site icon IMLebanon

لاستعادة لبنان من اللامعقول  

عاجلاً أم آجلاً ستشكل الحكومة، والمسافة التي تفصلنا عن تأليفها لم تعد بعيدة… ومحترفو العراقيل الذين يضعونها في طريقها أخذوا ينكفئون، فتتقلّص أدوارهم تدريجياً.

وكان في ودّ اللبنانيين أن تصدر المراسيم من قصر بعبدا، أمس، إلاّ أن هذا لم يحصل، إذ يبدو انه بعد إزالة العراقيل بات ضرورياً إعادة الطريق الى وضعها الطبيعي… وهذا لن يستغرق طويلاً، أو إنه يفترض فيه ألاّ يستغرق طويلاً.

توجه الرئيس المكلف، أمس، الى قصر بعبدا فرافقه توقع متفائل بأنها كانت ستصدر ابتداء من العصر. لم يصح التوقع، لكن، وفي آن معاً لم يتراجع منسوب التفاؤل. فالحكومة بين لحظة وأختها كما بات أكيداً وقد إستنفد المشاغبون على العهد اساليبهم كلها و … كثيراً من أرصدتهم لدى الناس المتعطشين الى عودة الحياة الى دورتها في لبنان.

واللبنانيون يشكرون اللّه، في هذه المرحلة على وجود الرئيس عون في المسؤولية الدستورية والوطنية الأولى… وإلاّ لكان المتمادون قد تلاعبوا ما شاء لهم أن يفعلوا لو كان هذا أو ذاك أو ذلك في سدّة الرئاسة اليوم. وليس ثمة موجب للإسهاب في شرح هذه النقطة فشرحها منها وفيها.

وأبرز إيجابيات هذه المرحلة يتجلّى في قدرة الرئيس ميشال عون على السيطرة على أعصابه التي بقيت، وتبقى، باردة بالرغم من محاولات الإستفزاز التي بعضها كان في غاية السخافة والتفاهة، وهي محاولات بدأت منذ جلسة الإنتخاب ولا تزال مستمرة ويشارك فيها غير طرف: المحرِّض بحقد، والمنفّذ بغباء، والمراهن على ردود فعل. وقد سقط رهانه وخابت أمنياته والآمال.

فلقد ثبت للبنانيين الذين لم يكونوا قد عرفوا بعد، أو الذين كانوا خاضعين لغسل دماغ، إن في قصر الرئاسة رجلاً قُدّ من فولاذ… رجلاً إذا وعد وفى، وإذا تعهد التزم، وإذا قال فعل، وإذا عاندوا صَبَر، وإذا عارضوا تفهم وقبل اللعبة الديموقراطية، وهو الآتي من مدرسة الشرف والتضحية والوفاء.

قد يقال إن في هذا الكلام كثيراً من الشعر والعاطفة… ربّـما! ولكن فيه نظرة واقعية الى مسار طويل خبره اللبنانيون في الأوقات الصعبة والأوقات العادية.

ثم ثبت بما لا يقبل أدنى شك أن الرجل الذي يحمل كرة نار الرئاسة في هذه المرحلة المشتعلة من تاريخ لبنان والمنطقة يريد أن يسترجع حقاً من دون أن يسعى لحظة، بل من دون أن يفكِّر لحظة في مصادرة أي ذرة من حقوق الشريك، بل الشركاء، في الوطن. وهو نجح في هذا النهج وسينجح أكثر.

وفي تقديرنا أن رئيساً مثل العماد ميشال عون هو فرصة تاريخية يجب ألاّ تُفوّت… أي يجب أن يحظى بأكبر دعم من مختلف الأطياف والأطراف، إفساحاً في المجال أمام الرئيس عون عساه يوفّق في استعادة لبنان من «اللامعقول» الذي يعيشه خصوصاً منذ مطلع التسعينات حتى اليوم!