Site icon IMLebanon

لإعادة الأمل الوطني!

مع إنحسار عاصفة الحزم، والتحضير لدخول اليمن فترة من الإستقرار وإعادة الأمر لمؤسسات الدولة، يتطلّع اللبنانيون على الفصل الجديد من التصعيد، من أين سيأتي، وكيف سيتوقّف، وما هي حدود تصعيده على الساحة الداخلية، بما أن لبنان تعوّد في الفترة الأخيرة، حضور الملفات الخلافية والمواقف التقسيمية بشكل دائم في الممارسة السياسية!

ولكن في الحقيقة، أهم ما يقضّ مضجع اللبناني هو تردي الوضع الإقتصادي، وبحثه الدائم عن فسحة أمل، مهما كانت محدودة، لإخراجه من هذا النفق الطويل المظلم.. وأقرب ما يكون اليوم هو موسم سياحي قادم، تبدأ البلاد المتحضّرة للتخطيط والإستعداد له منذ اليوم! إلا أن لبنان، هو حالة خاصة منذ زمن، فعند كل إستحقاق ممكن إستثماره إيجابياً تُفجَّر قنابل صوتية لإفشاله، أهمّها الخطابات السياسية التصعيدية، والمواقف العدائية تجاه الأشقاء العرب، الذين هم عماد السياحة في لبنان ومحرّكها الأول.. فكأن إقحام الوطن بشكل عام، والشباب بشكل خاص، في أتون حروب الآخرين لا يكفي، وفتح أبواب جهنم على الحدود الشمالية من حيث حركة السلاح والنازحين، والمسلحين والإرهابيين، لم تشكِّل العبء الإقتصادي والإجتماعي والأمني الكافي، فجاءت الخطابات النارية الأخيرة ضد السعودية خاصة ودول الخليج عامة، لتقضي على آخر أمل في إطلاق موسم سياحي واعد يحرِّك العجلة الإقتصادية، ولو بحدّها الأدنى، مما يعود بالفائدة على مختلف القطاعات ويُعيد سائر المناطق، بدءاً من الجنوب وصولاً إلى الشمال، إلى خارطة الحركة المنتجة بدلاً من تصنيفها كمناطق مهمّشة، منكوبة وبحاجة للإغاثة.

إن الهاجس الإقتصادي هو الهمّ الأكبر، وقد فشل السياسيون في التوافق على خطة إنمائية داخلية، تماماً كما فشلوا في تحييد وطنهم وقواعدهم الشعبية عن أتون الحروب المحيطة من كل حدب وصوب، وتركوا الفراغ الرئاسي ورقة جوكر في الكباش الإقليمي الحاصل، ونجحوا في شلّ حركة الدولة، من مؤسسات تشريعية، إلى مراكز حيوية عسكرية وأمنية، وصولاً إلى إبريق الزيت المسمّى بالموازنة والسلسلة، الذي هو في الحقيقة موضوع تسويات داخلية على حساب الطبقة العاملة، الرازحة تحت وطأة الأزمة الإقتصادية الخانقة!

لقد كان لبنان الخاسر الأكبر في كل الرهانات الإقليمية التي نشطت بعد اغتيال الرئيس الحريري، والتجاذبات المحتدمة بعد «الربيع العربي». المعاناة الإقتصادية اشتدّت، نتيجة اللااستقرار المفتعل في هذه الفترة، فالسياحة ضُربت، ويتعرّض القطاعان الإستشفائي والتربوي إلى حملات شرسة، أقلّ ما فيها أنها لا تخدم إقتصاديات البلد، وتفيد دولاً أخرى، تعمل حكوماتها على استحضار مؤسسات تربوية عالمية وتعزيز القطاع الإستشفائي، عبر العروض المغرية لأهم الأطباء اللبنانيين والعالميين، إضافة إلى عدم توفير أي فرصة لإنماء السياحة، وجذب الأشقاء العرب، عبر كل التسهيلات الخدماتية والمالية لإقامة المشاريع والإستثمارات في بيئة آمنة، مستقرة، وقانون ثابت يطبّق على الجميع ويحمي الجميع بشكل متساوٍ وعادل.

لقد أثبتت التجارب المريرة، أنه إن لم يبدأ التصحيح من الداخل، لن يتعزّز السلم الأهلي، والإستقرار المالي، وإن لم تتضافر الجهود لإنماء الإقتصاد، بغضّ النظر عن الخلافات السياسية، فسيذهب الجميع إلى هاوية الإفلاس، مما سيفتح أبواب البيع والشراء، لوطن بمواطنيه، على مصراعيها، فهل هذه أهداف المخطط الجهنمي المرسوم للوطن الصغير، أم أنها تعامي الطبقة السياسية عن المصلحة العليا، التي تقود البلاد والعباد؟

ومَنْ يُعيد الأمن الإقتصادي للمواطن بعدما سُلب منه بحجة تأمين أمن حياته؟ فأية حياة في ظل نسبة فقر ترتفع كل شهر، وأي أمن لدولة لا تقوم بواجباتها؟ ولسياسيين عطّلوا المؤسسات وشلّوا البلاد، بدءاً من وسط تجاري كان قبلة للسياحة العربية، وبات مقبرة لاستثمارات أصحاب رؤوس الأموال، وصولاً إلى علامة إستفهام كبيرة حول موسم صيفي كان يُفترض أن يكون واعداً؟