Site icon IMLebanon

لإنقاذ ما تبقّى من سيادة!       

 

غطى الاعتداء الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية في لبنان على سائر الملفات الملحة وكانت الاقتصادية أهمها، فعاد حبس الأنفاس حيال مجريات الأحداث المترددة بين التصعيد العسكري، والذي يعني حربا شاملة على لبنان، وضبط النفس الذي ما انفكت البعثات الديبلوماسية تنادي به وتنصح الدولة اللبنانية، في حال كان قرار الحرب يعود لها!

 

الا ان الوقائع جاءت مغايرة للتمنيات، وأثبتت الدولة اللبنانية انها في الصف الثاني في المواجهة مع العدو، وان حزب الله هو المعني الأول والقرار يعود له، وما الموقف الرسمي الا دعما له. لا جدال ان لبنان بأسره واللبنانيين أجمعين، مهما تعددت اطيافهم واختلفت انتماءاتهم يتفقون على رفض اي اعتداء خارجي على أي شبر من الأراضي اللبنانية، فما بالك العدوان الاسرائيلي على أية حبة تراب لبنانية فهو مدان ومرفوض ويبقى حق الدولة اللبنانية مقدسا في الدفاع عن سيادة الوطن ومواجهة العدو بشتى الطرق التي تراها مناسبة للمصلحة الوطنية العليا! نعم، الدولة، ولا احد سواها، ان كنا لا نزال نؤمن بدولة، يتحدث رئيس الجمهورية بإسمها ويتحرك الجيش لحماية أراضيها.

 

إنه الجيش الباسل نفسه الذي أنهى أكبر بؤرة ارهاب في مخيم نهر البارد، ودحر داعش من عرسال في حين لا تزال دول كبرى تزاول الكر والفر مع الجماعات الاٍرهابية، علما ان إمكانيات الجيش كانت ولا تزال متواضعة مقارنة مع التحديات التي تواجهه من جهة، ومقارنة مع التطور الحاصل في العالم والذي لا يزال حتى اليوم، لأسباب عديدة داخلية وخارجية، ممنوعة عليه . وهنا اللوم يقع على الدولة، والتي يترأسها العماد عون، وهو القائد السابق للجيش والأعلم باحتياجات هذه المؤسسة ومعاناة أبنائها، حتى يكتمل الظلم بسياسات التقشف التي تلحظها الميزانيات الحالية والتي تحاول سد عجز الدولة وتسويق الإصلاحات دوليا من خلال لقمة عيش المواطن وموظفي الدولة ذوي الدخل المحدود، في حين تستمر الصفقات والسمسرات وسياسات التعطيل للحلول الطويلة الأمد حتى تدخل في ميزان البازارات والنهب المبرمج لموارد الخزينة.

 

إن دور الجيش الذي قهر الاٍرهاب وإيمان اللبنانيين بدوره اكبر من فيديو سخيف تم تداوله حول عسكر يطلقون النار على طائرة مسيَّرة اسرائيلية وسط تهليل شعبي، فهذا دور القوى الشرعية ولا حاجة للاستهجان وكأن المؤسسة العسكرية قامت بخطوة كبيرة كانت ولا تزال من اختصاص حزب الله، في حين ان قدرات الجيش اللبناني فوق كل الشكوك خاصة اذا ما تم تسليحه كما يجب ونجحت الدولة في استعادة قرار السلم والحرب عبر حصر السلاح بالشرعية وإلزام كل الأطراف باستراتيجية دفاعية تستفيد من خبرات الجميع تحت مظلة الأجندة الوطنية دون سواها، وتشمل العمل الدبلوماسي الى جانب التأهب العسكري، ولكن الذي يترك هامش حرية للدولة اوسع بعيدا عن التهديد المستمر بالعقوبات والتي ابتز المجتمع الدولي لبنان بها حتى يومنا هذا، اضافة الى شبح التصنيفات تارة بالإرهاب وطورا بالإفلاس.

 

ان التحديات والصعاب تطل من اكثر من جبهة، فالاقتصاد من جهة هو على حافة الانهيار، والتهديد بالحرب يدق بأعلى قوة دون أن تملك الدولة أية فكرة عما يرسمه حزب الله للأيام المقبلة وكيف سترد ايران على الضغط الأميركي.

 

ولإنقاذ ما تبقى من السيادة التي هي أقدس المقدسات، لا بد ان نقف جميعاً كلبنانيين، ملتفين حول الدولة حصريا، لإنقاذ ما تبقى من اقتصاد محتضر والحفاظ على امن الوطن وامانه بعيدا عن سياسات تصفية الحسابات الخارجية عن أراضيه!