IMLebanon

إلى جزيرة الأرانب!

تُرى من أي كوكب هبطت علينا هذه الكائنات النيابية العظيمة النادرة والخائفة على نفسها، التي كلما تداعت للاجتماع يكون على الشعب اللبناني المستغبى، ان يعلق ساعات في الشوارع، مستعيراً صبر ايوب ومتحدثاً “بأصله” عن نوّابه فتصل شتائمه الى السماء ويسرّ قلب الخزينة لأنه كلما فاض اللبنانيون بالشتائم والأدعية بقصف الأعمار تتضاعف فواتيرهم الهاتفية… فللشتيمة فاتورة ايضاً!

امس كانت “جلسة البوش” رقم 14 لانتخاب رئيس للجمهورية البائسة، بعدما كان العماد ميشال عون أبلغ “شعب لبنان العظيم” من عين التينة، وبلهجة غلب عليها اليأس والقنوط [عجيب]، ان “الرئيس غودو” لا يزال بعيداً، ولن يهبط أبداً في بعبدا الميتّم إلاّ من الرابية وبعونه “الجايي من الله” سبحانه وتعالى.

لكن الشعب اللبناني لم يعد يهمه من اين يأتي الرئيس، اي رئيس، فليس هناك من يستطيع ان ينتشل الزير من البير بعدما وصلنا الى حضيض الحضيض. الشعب يهمه ان يحلّ النواب عن سما ربّه، على الاقل أن يجدوا لأنفسهم مكاناً يجتمعون فيه دونما حاجة الى قطع الطرق وخنق الناس الذاهبين الى اعمالهم.

لماذا كل هذا الخوف، ولماذا على المواطنين ان يتبخروا من محيط المربع الامني البرلماني؟! ما يجري هو مجرد مسلسل “جلسات بوش”، ثم هل من الضروري ان تقطع الطرق ويختنق المواطنون كلما أراد هؤلاء الأكارم عقد جلسة غالباً ما يتبيّن انها “فالصو”؟

ولماذا لا يذهب النواب ليجتمعوا مثلاً في جزيرة الأرانب يلعبون الغمّيضة ويخدمون السياحة وتسرّ قلوبهم، او لماذا لا يجتمعون في عرض البحر بحراسة فرقاطات فيوفرون عليهم وعلى اللبنانيين كثيراً من الكلام اللائق الذي يقال في لحظة الغضب وضيق الخلق؟

او لماذا لا يحلّون عن ربّ البيارتة ويذهبون ليجتمعوا في احدى المزارع خارج العاصمة او في أحد القصور، ولدى معظمهم ما يكفي من القصور والمزارع، ام انه لا يجوز ان تعقد الاجتماعات إلا في “الراينشو” حيث يطير الحمام ويحلّق كلام الناس لا كلام ممثلي الناس؟

وكيف يجرؤ ممثلو الشعب [الشعب، وهل هناك شعب فعلاً يقبل بكل هذه البهدلة والاهانات؟] على الاستمرار في خنق البلد لكي يعقدوا “جلسات الأنكلة” فيتبادلون الابتسامات تارة والشتائم تارة أخرى، ثم يذهب بعضهم الى المطاعم القريبة و”كاسك يا وطن” ورحمة الله على شوشو؟

ثم ماذا لو قرر اللبنانيون ان يكونوا شعباً لمرة واحدة وان يرفضوا هذا الاذلال، الذي ينزل بهم كلما اجتمع النواب او حل بلبنان ضيف، بحيث يفترض فيهم ان يتبخروا وان يفرقعوا من امامه كالفئران؟

هذا برلمان التمديد المعيب يسطو على التكليف العام مرتين، ويخنق بيروت مرات… الى ان نصبح شعباً!