Site icon IMLebanon

إلى قانون «الستّين» دُر

تتوالى مفاوضات المماطلة والتسويف بين القوى السياسية التي إئتلفت في التسوية الرئاسية والحكومية، لتصبّ في النهاية في تكريس قانون الستين وإجراء الانتخابات النيابية ربما في موعدها، على أساس هذا القانون الذي لعنته كلّ القوى، فيما معظمها يعمل سرّاً على تكريسه.

بالنسبة الى الثنائي المسيحي، فإنّ قانون الستين بات الأفضل، في ظلّ التحالف الذي يأمل كلّ من «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» أن يؤدي الى اكتساح معظم الدوائر ذات الأكثرية المسيحية في جبل لبنان والشمال والاشرفية وزحلة وجزين، ويسعى هذا الثنائي الى إجراء عملية تجميلية على هذا القانون لنقل بعض المقاعد، خصوصاً المقعد الماروني من طرابلس الى البترون، والمقعد الماروني من بعلبك الى بشري، ولا يمانع الثنائي المسيحي إضافة لمسات تجميلية على قانون الستين كفرض «الكوتا» النسائية، والبطاقة الموحَّدة، وكلها تفاصيل لا تؤثر في نتائج الانتخابات، ولا تغيّر من النتائج.

أما بالنسبة الى تيار «المستقبل»، فإنّ قانون الستين يبقى الصيغة الأفضل ووفق الحسابات المستقبَلية، فإنّ كتلة «المستقبل» لن تخسر وفق هذا القانون اكثر من مقعد او مقعدين، في طرابلس وعكار، وفي الحسابات ذاتها إنّ اللواء أشرف ريفي بالكاد يستطيع أن يخترق لائحة «المستقبل» في طرابلس.

وبناءً على هذه الحسابات، يعمل «المستقبل» على إجراء الانتخابات وفق الستين، ويضع «فيتو» على النسبية الشاملة، كما يفاوض على القانون المختلط، لكن على أساس الدمج بين صيغتي رئيس مجلس النواب نبيه بري، والصيغة الثلاثية لـ«المستقبل» و«القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي، التي تقلّص حجم كتلة «المستقبل» الى ما يقارب الـ25 نائباً، فيما تشطر النسبية الكتلة ثلاثياً وتقزّمها بحيث تقارب الـ10 أو 12 نائباً.

وبالنسبة الى جنبلاط المعركة هي معركة حياة أو موت، فهو لن يقبل بالنسبية تحت أيّ ظرف، كما أنه بالكاد يمكن أن يسير في القانون الثلاثي الذي اتفق عليه مع «المستقبل» و«القوات»، لكنّ هذا القانون نفسه الذي يقسم جبل لبنان مراعياً هواجس جنبلاط غير مقبول لدى «حزب الله» وحركة «أمل» والتيار العوني.

ويبقى السؤال: ماذا سيكون موقف «حزب الله» وبري من استنزاف الوقت الذي يطيح بفرصة إنتاج قانون انتخاب جديد، وهل وافق الحزب ضمناً كما بري على السير بقانون الستين مجدداً، تحت عنوان عدم القدرة على إمرار القانون النسبي أو المختلط؟

الواضح أنّ «حزب الله» بات مطمئنّاً الى مرحلة ما بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وما سبقها من اتفاقات وما تلاها من نتائج. فكلّ القوى التي انخرطت في التسوية سلّمت عملياً لـ«الحزب» بسياساته والتزمت خطوطه الحمر، لا بل إنّ الخطوط المفتوحة بين بعض هذه القوى و«حزب الله»، والحوار المستمرّ معه، خصوصاً حواره الثنائي مع «المستقبل»، كلّ ذلك أدّى الى مهادنةٍ ستطول، لا بل الى تغيير في خريطة تصنيف الخصوم والأصدقاء.

فـ«الحزب» لم يعد مهتمّاً بإضعاف تيار «المستقبل» بعد انخراطه في التسوية، كذلك لم يعد مهتمّاً بالتركيز على تحجيم «القوات»، التي تسير العلاقة معها على إيقاع تفاهم 18 كانون الثاني، وباتت ترجمة كلّ هذه الحسابات الجديدة تتجه الى إعادة تكريس قانون الستين، الذي يجدّد عملياً لأركان التسوية، والذي سينتج مجلساً نيابياً، يشبه ما أنتج في الحكومة من توافق على ملف النفط والتعيينات، وذلك استكمالاً لسلّة التفاهمات التي سبقت انتخابَ عون.

لكن ماذا عن عملية التجميل التي سيتعرّض لها قانون الستين، للمساهمة في تبرير قبوله وهضمه وشطب ذاكرة الرأي العام حول الحملات التي شُنَت ضده ممّن سيقبلون به اليوم؟

من ضمن عملية تجميل الستين، طالب الثنائي المسيحي بنقل مقعد طرابلس الماروني الى البترون، فلم يعارض «المستقبل»، لكنه اشترط في المقابل نقل أحد المقعدين السنّيين من بعلبك ـ الهرمل الى عكار، ليتناسب عدد الناخبين مع عدد المقاعد، فرد «حزب الله» بالرفض المطلق لطلب «المستقبل»، ولن يكون مستبعداً أن يتعرّض كلّ مطلب لنقل مقعد من هذه الدائرة الى تلك لموجة مطالبات مضادة.

من ضمن ما يحَضر من أفكار لتجميل الستين، فرض «الكوتا» النسائية، هذه «الكوتا» التي يمكن أن تفرض بنسبة 20 أو 30 في المئة، ولكلّ احتمال طريقة احتساب في الترشيح على أساس عدد المقاعد في الدوائر، لكنّ التطبيق في موضوع «الكوتا» النسائية ليس معقداً ويمكن احتساب الأصوات بسهولة، فهل سيكون نقل بعض المقاعد من دائرة الى دائرة،كذلك فرض الكوتا النسائية، وبعض التعديلات الإجرائية في القانون مدخلاً الى تجميل العودة الى الستين، وإجراء الانتخابات في موعدها؟ الجواب ينتظر 18 كانون المهلة النهائية لتشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات، التي لا يمكن إجراء انتخابات من دونها تحت طائلة الطعن بالنتائج.