جميلاً كان المشهد في ساحة النجمة أمس. لغيرنا أن يذهب الى «التريقة» وأن يبحث بالفتيلة والسراج عن ثغرة هنا أو هفوة هناك أو قراءة كلمة مغلوطة هنالك…
ولسوانا أنْ يتحدّث عن «ديموقراطية مشوّهة» أو «إنتخابات مركّبة»، أو «تمثيلية مكشوفة».
أما نحن فقد عرفنا القارىء منذ سنوات وعقود (إنْ من على هذا المنبر أو من على منابر عديدة في لبنان والخارج) إننا نرى الى الكأس من الجزء الملآن وليس من المنطقة الفارغة. نحن نود أن نعرب عن إعتزازنا بالمشهد أمس. نعتز به: بأعرافه وبنصوصه، منذ أن توجّه الرئيس سعد الحريري الى الرابية ليصحب نائب المتن المنتخب ميشال المرّ الى تحت قبّة البرلمان، حيث ترأس الجلسة في قسمها الإنتخابي الأول الذي أسفر عن فوز الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي في مطلع ولايته الجديدة السادسة.
ونعتز بأنّ لدينا نواباً إنتخبهم الشعب بملء إرادته. نواب لديهم الموقف والقرار، أحرار هم في أن ينتسبوا الى كتلة هنا وتكتل هناك وائتلاف نيابي هنالك.
نواب يأتون الى المجلس النيابي ليمارسوا دورهم أقله في التشريع وأيضاً في الرقابة. والمشهد مختلف كلياً عن بلدان عربية أخرى يُطلب الى النواب أن يلازموا أمام أبواب منازلهم منذ السابعة صباحاً حتى تمرّ «البوسطات» فتحملهم معاً الى «البرلمان» (؟). نواب لم تأت بهم السلطة الى النيابة، إنما جاء بهم الناس، وهذا ما أثبته «الصوت التفضيلي» الذي بالرغم مما قيل فيه من «قدح وذم» فإن له فضل تحديد الأحجام على حقيقتها… فلا يملك أي زعيم أو حزب أو تكتل أن يدّعي أنه لا يزال قادراً على أن «ينفخ» ذاته أكثر مما هو عليه فعلاً من حيث الحضور والشعبية.
أمس كانت ساحة النجمة مثالاً راقياً على أنّ هذا الوطن يستحق ديموقراطيته التي كان سبّاقاً اليها في منطقة لا تزال بلدان منها ترفض استخدام كلمة «الديموقراطية» كونها رجساً من الشيطان، فيجب إجتنابها! فمنذ مطلع عشرينات القرن العشرين الماضي وهذا الوطن واقف على حد سيف الديموقراطية حافياً ولكنه مستمر في هذه المسيرة المعمّدة بالدم لأنه ممنوع عليه السقوط فإذا سقط في هذا الجانب كشّرت الوحوش عن أنيابها، وإذا سقط في الجانب الآخر فحت الأفاعي وانسلّت نحوه وفي أنيابها السُم النقاع.
ومبارك لسيّد نفسه نوابه الجدد ورئيسه المجدّد – المتجدد، ونائب رئيسه العائد من بعيد وأمانة سرّه المميزة. وتحية الى الرئيس ميشال عون الذي وضع عهده الأمور في نصابها.