IMLebanon

إلى أين؟  

 

بعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر يطرح السؤال ذاته قدر ما هو مطروح على ألسنة السياسيين والمواطنين العاديين والديبلوماسيين  الأجانب ناهيك بالثوار أنفسهم؟

 

ولعلّ الجميع استعاروا عبارة وليد جنبلاط «إلى أين من هنا؟».

 

بداية يجدر القول إنَّ الثورة باتت محاصرة بعوامل عديدة: الأوّل – ما آلت اليه حال الناس من أوضاع  إقتصادية مروّعة تنعكس على معيشتهم في ظروف قاسية. فلا الأعمال «ماشية»، ولا المصارف متجاوبة، ولا الظروف الطبيعية (المطر والصقيع) يساعدان. الثاني ـ القرار الحازم الذي اتخذته السلطة بمنع قطع الطرقات، وقد وضعت قراراها، هذا، موضع التنفيذ مراراً وتكراراً. ثالثاً – إنحسار عدد المشاركين  في الشارع خلال  الأسابيع الثلاثة الماضية،  و«نوعية» المشاركين، إذ بات يغلب عليهم أنهم يمثلون طيفاً «وطنياً واحداً» في أكثريتهم.

 

أعمال الشغب التي رافقت حراك الأسبوعين الماضيين التي واجهها رفض شبه عام، حتى من معظم القيادات  في الثورة.

 

خامساً – أدّى تعطيل الحياة العامة في وسط العاصمة إلى نتائج سلبية جداً (…).

 

إضافة إلى ذلك فإنّ أحد أبرز العناصر في ما يبدو هبوطاً في وتيرة الثورة هو تشكيل الحكومة الجديدة. إذ طغى القول المنطقي: «يجب» إعطاء الفريق الحكومي الجديد فرصة لإثبات وجودهم من خلال الإنجازات الموعودة والتي يُستبعد بداية ظهورها قبل مهلة المئة يوم الموعودة.

 

وأيضاً رغبة الناس في أن يروا  ويتحسّسوا «المرئي والملموس»… فالناس يريدون إنجازات  حقيقية  تبدأ بمحاكمة الفاسدين والمفسدين في الأرض. وهذ أمرٌ لا يبدو في متناول اليد… خصوصاً أن المستعجلين على ذلك يفوتهم أنَّ في لبنان نظاماً وآليات قانونية (…ودستورية أحياناً كثيرة) «يجب» سلوكها والمرور عبر أبوابها… وهذا ليس بالأمر السهل في لبنان.

 

كما أنَّ الثورة «كبّرت الحجر» بما يتجاوز قدرتها على رميه… أو بما يتطلب تحقيقه وقتاً طويلاً. مثال ذلك اجراء إنتخابات نيابية جديدة. وهذا مطلب أساس في طليعة سلم المطالب التي حملها الثوار. ولكي يكون الأمر قابلاً للتنفيذ لا بدّ من خطوات قانونية (ودستورية تحديداً). 1-  يجب أن يوضع قانون جديد للانتخابات النيابية وهو أيضاً مطلب أثير لدى الثوار. 2- مثل هذا القانون يستغرق (إعداداً وتحضيراً ودراسة في اللجان المختصة ومن ثم الإحالة على الهيئة العامة لمجلس النواب) أشهراً عديدة. 3- هذا، إفتراضاً، أن مجلس النواب سيوافق على حل ذاته! والزمن لن يقل عن سنة ونصف السنة… وعندها تكون نهاية ولاية  النواب باتت  على الأبواب! وحتى ذلك الحين هل تبقى البلاد في «الكوما» والمصالح مهدّدة، والمؤسسات والشركات مفلسة وأو مغلقة؟! مع ما يترتب على  ذلك من تفاقم مأساوي في الأزمة الإجتماعية؟!

 

على الثورة أن تقدم الجواب.