هل فتحت التشكيلة الحكومة «الأولية» الباب على تأليف الحكومة أو إنها فتحت باباً آخر على تمديد الأزمة؟. السؤال كان مطروحاً أمس على نطاق واسع وقد استمد شرعيته من كلام الرئيس المكلف سعد الحريري قبيل مغادرته قصر بعبدا، إثر تقديم «المسودة» إلى رئيس الجمهورية ميشال عون إذ قال إنه سيواصل المشاورات حول هذه الصيغة «الجديدة». ولاقاه القصر الجمهوري في بيان مكتبه الإعلامي الذي ورد فيه (إضافة الى «بعض الملاحظات») الآتي: وسيبقى فخامة الرئيس على تشاور مع دولة الرئيس المكلّف تمهيداً للإتفاق على الصيغة الحكومية العتيدة.
ولا بدّ من الإشارة الى أنّ الرئيس عون لم يرفض التشكيلة، فتسجيل «الملاحظات» لا يعني رفضاً. صحيح أنه لا يعني قبولاً كذلك، إلاّ أنّ الرفض يعني إسقاط التشكيلة كلياً. كما أن الملاحظات تعني أن الإعتراض هو على نقط محدّدة.
وسيّان أكان أي من التفسيرين أم كلاهما معاً في الموقع الصحّ، فإنّ الحقيقة الصارخة هي أنّ الحكومة لن تولد بين ليلة وضحاها. إذ لا بد من بذل المزيد من الجهود في إطار ما توافق الرئيسان على أنه سيكون «مواصلة التشاور».
مبدئياً إن التشاور ابتدأ قبل ثلاثة أشهر ونيّف في إستشارات قصر بعبدا الملزمة (بين رئيس الجمهورية والنواب) وفي إستشارات مجلس النواب (التي أجراها الرئيس المكلف مع النواب أيضاً). وما أعقب ذلك من زمن غير قصير لم ينجح، حتى إشعار آخر، في طيّ صفحة التكليف، وفتح صفحة التأليف.
على صعيد شخصي لا نريد أن نناقش التشكيلة التي سُرّبت أمس، أقلّه لأنها لم تُعلن رسمياً. إلاّ أننا لم نر فيها جديداً عمّا كان قد تسرّب بالجملة حيناً وبالتقسيط أحياناً، من توزيع حقائب، ما لم يتجاوز أياً من العقد الثلاث الكبرى: عقدة تمثيل القوات اللبنانية، وعقدة تمثيل الحزب التقدمي الإشتراكي، وعقدة تمثيل الطيف السنّي.
واللافت إستبعاد الحزب القومي السوري عن التشكيلة، حتى إذا أصدرت المراسيم فعلاً يكون هذا الحزب خارج الإطار الوزاري للمرة الأولى منذ التسعينات حتى اليوم.
أمّا حزب الكتائب فليس جديداً إستبعاده، إذ حدث هذا من قبل، الى أن أبعد نفسه عن حكومة الرئيس تمام سلام بقرار رئيسه الشيخ سامي الجميّل سحب وزيريه الان حكيم والزميل سجعان قزي والوزير الحليف رمزي جريج… علماً أن الأول وحده التزم قرار الحزب الإستقالة…
يتوافق هذا كله مع المواعيد والإستحقاقات الضاغطة، وبعضها داهم جداً كإلتزامات سفر الرئيس عون الى لوكسمبورغ ونيويورك ويريڤان، وبعضها الآخر ضاغط اقتصادياً خصوصاً لجهة وضع مقررات سادر 1 وسواه من المؤتمرات الدولية موضع التنفيذ. اضف ضرورة إعادة العافية والدوران الى عجلات الدولة المتوقفة في مربّع الأعمال الحكومية.
وإنها مرحلة دقيقة لا نزال نأمل في أن يتعامل معها المسؤولون في السلطة وخارجها، خصوصاً ثلاثي عون – بري- الحريري وثنائي جعجع – جنبلاط بكثير من الحكمة والمسؤولية.