لم تهبط فضيحة الزبالة على لبنان كصاعقة بل وصلت كمصيبة استولدها تضافر الانهيار الأخلاقي مع الفساد الفاحش والسرقة المتوحشة، وذلك في دولة مدمرة وسلطة جهيضة، ما جعل لبنان مغارة لصوص أكلوا الأخضر واليابس، وهم يتصارعون على جبنة النفايات ترتفع جبالاً في بلد تاعس نزعم انه جوهرة المتوسط .
لا يا سادة، هذه مزبلة من صنعكم وتستمرون في فصولها القذرة عندما نسيتم البديل بعد إقفال مطمر الناعمة، ثم منذ أربعة أشهر وانتم تتصارعون على عصارتها المالية القذرة سمسرة ومحاصصات ولا من يستحي، لأن ليس في هذا الشعب سوى زعيق يختلط فيه الفوضوي بالتخريبي بالاستعراضي، فاذا بنا جميعاً ريحتنا طالعة ومقرفة !
أعرف ان لا معنى لكل هذا الكلام لأنه مهما تطاير رذاذ الشفاه يكون لديكم شتاء، ولكن ما دام كل ديك على مزبلته صياحاً، فإن الزبالة ستقرع أبواب الناس، وستجدون من يحرق البخور ويقيم النذور لسوكلين والأخ ميسرة، فهو قياساً بما وصلنا اليه من سكر وانتم من عفن!
لم يغالِ تمام سلام عندما قال في ٢٩ حزيران الماضي ان في البلد نفايات سياسية تسببت بهذا وأكثر ولطالما كرر هذا محقاً، وعلى إمتداد الاشهر الأربعة التي يتقاذف خلالها معظم السياسيين أكياس النفايات مزيدات على عيون الناس ورهانات على الأكل من مردود الزبالة. لم نتوصل الى حل لا بالحرق الذي يفترض ان يُشعل بالزبالة السياسية ايضاً، ولا بالطمر الذي يجب ان يعمّق لها الى قعر الجحيم، ولا بتوليد الطاقة والبلد يشرقط غضباً وانقسامات!
وعندما قُرعت طبول البلديات وكل ديك على مزبلتو صياح وبدأت المزايدات الانتخابية عبر ذرف الدموع على أموال البلديات، ظن البعض ان البلديات من غير شر عندها حلول سحرية، ولكن معظم البلديات هي في الواقع وكما يعرف المواطن المسكين، دكاكين ومنافع وسرقات وتشبيح ولحس أصابع، تماماً مثل الوزارات والإدارات الرسمية، وليس مستبعداً ان تنشب حروب ومعارك بين البلدات والأقضية والدساكر والقرى بسبب خلافات ستنشب على حدود الطمر والحرق!
الآن عدنا بنعمة الله سبحانه في خلقه من سياسيين ومسؤولين ولبنان الشعب العنيد، الى نظرية الترحيل أي نصدّر خيراتنا الى الخارج، ربما لنصبح ديوكاً تصيح على مزابل الدول الراقية، ذلك ان الدول التي تستورد الزبالة هي مثلاً أسوج وألمانيا وبلجيكا وهولندا، وهي تنتج منها الأسمدة والكهرباء [ويا عمى قلوبكم]، فقد سبق للوزير مروان شربل ان اقترح إنشاء ثلاثة معامل بكلفة ١٥٠ مليون دولار تعالج نفايات لبنان وتنتج الكهرباء فلم يستجب أكلة جبنة الزبالة طبعاً… لذا فإنه اذا كان لا بد من الترحيل الآن، فليكن للزبالتين معاً الزبالة السياسية والزبالة المنزلية لتصيح ديوكنا السياسية فوق مزابل راقية!