IMLebanon

إلى الشباب العوني… مهلاً!

قد يكون من السابق لأوانه الحكم على قدرة شباب “التيار العوني” والداعمين لهم في تغيير معادلات ثابتة في البلد ارساها اتفاق الطائف حول ملفات كيانية اساسية. ولعل النقاش سيبقى مفتوحاً عن قدرة الشباب في “التيار” أو في غيره من القوى السياسية أو الطوائف على التاثير في واقع الحال، طالما ان القرار يأتي من فوق ولا مجال للنقاش في القضايا التي على اساسها يتحرك الشباب. فمدى التأثير الشبابي في الحراك السياسي لا يزال محدوداً، فيما الاستقطاب لمصلحة طرف معين يسمح بتحوله طرفاً لبنانياً مهيمناً وقادراً على تغيير معادلات سياسية مفقود منذ تسوية الطائف، أي قبل 25 سنة، ولذا كان الطرف المهيمن والوصي خارجياً، في شكل مباشر حتى العام 2005، وغير مباشر بعد هذا التاريخ وصولاً الى ما نشهده من فراغ في الرئاسة الأولى، وتعطيل لمؤسسات الحكم والتشريع.

ليس هذا الكلام للقول إن لا إمكان للتغيير في لبنان، ونقصد بالأمر التغيير الشبابي حصراً، إذ إن أي تغيير حقيقي، لا قيمة له ما لم تكن يد الشباب هي التي صنعته. وغير ذلك يبقى الموضوع مجرد تسويات بعضها سياسي وثانيها طائفي، ولا يؤدي في النهاية الى التغيير المنشود. وبما ان البلد يمر بمنعطفات مصيرية، كان يمكن لحركة شبابية لو قدر لنا أن نجعلها فاعلة وعابرة للإصطفافات السياسية والطائفية أن تقف سداً في مواجهة إفراغ المؤسسات والفساد، وكتلة ضاغطة لإعادة تصويب الأمور، بدلاً من طرح شعارات كبيرة لا قدرة للمعترضين الشباب اليوم على حملها أو الاستمرار في التحرك لتحقيق جزء يسير منها، على ما نشهده من مطالب تخص اللبنانيين عموماً وليس فئة منهم، خصوصاً في ملفات النفايات والفساد والتعليم وفرص العمل والحقوق، الى ملف انتخابات الرئاسة وغيرها من المواضيع.

هنا، كان يمكن لشباب “التيار العوني” وهم في دائرة التحرك اليوم “دفاعاً عن حقوق المسيحيين”، أن يكونوا أكثر قدرة على التأثير والاستقطاب والفعل، لو كان شعارهم يخاطب اللبنانيين عموماً، ولا يكسر التواصل مع فئات أخرى بعناوين باتت مكررة والتشبث بالموقف منها يؤدي الى مزيد من الاصطفافات، والى تراجع امكانات التسوية في ملفات كثيرة تعني اللبنانيين عموماً وليس طائفة بعينها منهم.

ولعل توجيه رسالة الى الشباب العوني بات واجباً، للقول بأن التحرك الشارعي من دون خريطة طريق تشكل جسر تواصل مع كل المكونات الشبابية اللبنانية، هو إهدار للإمكانات. وقد يكون الأجدى انتظار انطلاق السنة الجامعية الجديدة للعودة الى القواعد الطالبية والبناء في الجامعات، وهي المكان الذي يسمح بالاستقطاب انطلاقاً من عناوين واضحة وهادفة على كل المستويات. وللتذكير بأن الكلام عن الحشد لا يقدم ولا يؤخر، فالاصطفافات قد تسمح لأي طائفة أن تحشد مئات الألوف اعتراضاً واحتجاجاً. لذا نقول، مهلاً وكفى!