IMLebanon

سيناريو جلسة المجلس اليوم: لا سحب لورقة التكليف من ميقاتي أو وقف تصريف الأعمال إذا لم تتمّ مقاطعتها

عون وجّه عدة رسائل خلال السنوات السابقة بينها سحب التكليف من الحريري غير أنّ البرلمان لم يتخذ أيّ قرار حاسم

 

أثارت الرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النوّاب يوم الأحد، قبل مغادرته القصر الجمهوري في بعبدا الى منزله في الرابية، قبل يوم من انتهاء ولايته الرئاسية، داعياً إياه الى عقد جلسة لاتخاذ الإجراء أو القرار المناسب الذي يتعلّق بمسألة تأليف الحكومة لمنع الأمور من الإنحراف، والى سحب التكليف من الرئيس المكلَّف نجيب ميقاتي، وذلك عقب توقيعه مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة، جدلاً دستورياً عقيماً على الساحة السياسية. وإذ اعتُبرت خطوة الرئيس عون سابقة من نوعها، لم يقم بها رئيس جمهورية من قبل لدى مغادرته القصر الجمهوري، إلّا أنّه استخدمها مع الحريري في العام 2021 أيضاً عندما وضع ورقة التكليف في جيبه لأشهر طويلة… وفيما سارع ميقاتي الى إصدار كتاب وجَّهه الى رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي قال له فيه: “إنّ الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة، ومن بينها تصريف الأعمال وفق نصوص الدستور”، دعا برّي المجلس وفق ما تقتضيه الأصول، ألى جلسة للمجلس خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أيّام من تاريخ توجيه الرسالة، اليوم الثلاثاء لتلاوة رسالة الرئيس عون ومناقشتها. فما هو السيناريو المتوقّع من جلسة اليوم؟

 

مصادر سياسية مطّلعة رأت أنّ الأزمة الدستورية التي دخلت فيها البلاد، لم تكن مفاجئة لأي طرف، سيما أنّ الرسالة التي وجَّهها الرئيس عون الى مجلس النوّاب، كان سبق وأن كشف عن مضمونها في أحاديث سبقت انتهاء ولايته، مثل الكلام عن سحب ورقة التكليف من يدّ ميقاتي، أو توقيع مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة أو غير ذلك. وكان ميقاتي يتوقّع توقيع عون على استقالة الحكومة، ولهذا سرعان ما أعلن أنّ المرسوم الذي قَبِل استقالة الحكومة يفتقر الى أي قيمة دستورية”، على ما أعلن في كتابه. أمّا دعوة برّي مجلس النوّاب للإجتماع اليوم، فتأتي ضمن الأصول الدستورية، سيما أنّ البرلمان يعتبر اليوم السلطة الشرعية الوحيدة كونه انتُخب في أيّار الماضي من الشعب للسنوات الأربع المقبلة، ويحقّ له وحده أن يُقرّر مصير الرئيس المكلَّف والحكومة الحالية.

 

وفي ما يتعلّق بالسيناريو المتوقّع لجلسة المجلس اليوم، على ما أضافت المصادر، فسيكون شبيهاً بما حصل في وقت سابق عندما وضع الرئيس عون البرلمان في 18 أيّار من العام 2021، وبعد مرور نحو 7 أشهر على تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة آنذاك، أمام مسؤولياته بناء على المادة 145، ليكون سيّد قراره في مسألة التكليف. غير أنّ المجلس لم يقم بسحب ورقة التكليف من الحريري، بل طلب منه الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة. علماً بأنّه لم يسبق للمجلس النيابي أن سحب التسمية من أي رئيس مكلف، رغم أنّه ليس من أي نصّ دستوري يمنع ذلك. كما باستطاعة النوّاب مقاطعة جلسة اليوم فيجري تأجيلها، وبالتالي عدم اتخاذ أي قرار حاسم بشأن الرسالة، على ما حصل في مرّات سابقة عديدة.

 

وبناء عليه، فإنّه سيكون اليوم على المجلس النيابي الذي كلّف ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة، بنسبة 54 صوتاً من أصل 128، على ما أوضحت المصادر نفسها، أن يُقرّر إذا كان يريد الاستمرار بهذا التكليف أو سحبه من ميقاتي. علماً بأنّ رئيس الحكومة المستقيلة يمثّل لبنان في قمّة الجزائر اليوم وغداً، وهو لن يحضر الجلسة، ولا يبدو قلقاً ممّا سيقرّره النوّاب، فسحب ورقة التكليف من ميقاتي لا فائدة منه، إذ لا يمكن للمجلس النيابي أن يُسلّمها لشخصية أخرى من دون “إستشارات نيابية ملزمة” يجريها رئيس الجمهورية، لا سيما في ظلّ الشغور الرئاسي.

 

ولهذا من المتوقّع، أن يطلب المجلس النيابي من ميقاتي متابعة حكومته تصريف الأعمال، ويدعو الكتل النيابية الى التوافق فيما بينها والذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية فوراً دون مماطلة. غير أنّ الأحزاب والكتل، على ما عقّبت المصادر، لا تزال تنتظر الضوء الآخر من الخارج، ولهذا لم نجدها تطرح أسماء مرشّحيها الجديين في جلسات الانتخاب الثلاث التي عقدتها حتى الآن.

 

ولأنّ الرئيس عون شدّد في رسالته على عدم موافقته قطعاً على “ممارسة حكومة تصريف الأعمال الحالية، صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالة حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، معتبراً أنّه “على دولة الرئيس المكلّف أن يعتذر، لكي يُصار فوراً الى تكليف سواه وإصدار مراسيم التشكيل فور ذلك تجنّباً للفراغ – هذا اذا لم يبادر مجلسكم الكريم الى نزع التكليف، فيما هو من أعطاه ايّاه”، تقول المصادر نفسها بأنّه كان يمكن حصول ذلك في حال دعا برّي فوراً المجلس النيابي الى الاجتماع أمس الاثنين، الأمر الذي كان أتاح للرئيس عون القيام بالإستشارات النيابية المُلزمة في اليوم الأخير من ولايته. ولكن بما أنّ ذلك لم يحدث، فَيُصبح من المستحيل إجراء هذه الإستشارات في ظلّ عدم وجود رئيس للجمهورية، ولا يُمكن لأي أحد القيام بهذه المهمة التي تدخل ضمن صلاحيات الرئيس. ولهذا وجد البعض بن هذه الرسالة “لزوم ما لا يلزم”، وقد أعلن ميقاتي عن عدم رغبته عقد أي جلسة لحكومة تصريف الأعمال، أي بالتالي عدم ممارسة صلاحيات رئاسة الجمهورية.

 

وفي حال قرّر وزراء الرئيس عون، وعددهم 5 الإستقالة من الحكومة، فإنّ ميقاتي سيوكل مهام هؤلاء الى الوزراء الآخرين المعيّنين كوزراء بالوكالة، ما دام عمل الجميع يدخل في باب تصريف الأعمال.

 

ولأنّ رسالة الرئيس عون أدخلت لبنان في وضع دستوري غير مسبوق، تجد المصادر عينها، أنّه لا بدّ من الحوار بين الكتل النيابية، ففي الحوار يتمّ التوافق على أسماء مرشّحيها لرئاسة الجمهورية، علّه يجري التقريب في وجهات النظر التي لم تتفق حتى الساعة على مرشح معيّن لانتخابه رئيساً خلفاً للرئيس عون. وتخشى المصادر بالتالي من دخول البلاد في فوضى دستورية في حال طالت فترة الشغور الرئاسي، وبدأت الحكومة المستقيلة، والتي تُصرّف الأعمال، بالقيام بمهام رئيس الجمهورية، الأمر الذي سيتسبّب بالمزيد من الفوضى بين الأحزاب والقوى السياسية.

 

وذكّرت المصادر بأنّ الرئيس عون قد اعتمد طوال عهده على توجيه الرسائل الى مجلس النوّاب، ففي 31 تمّوز من العام 2019، وجّه رسالة الى مجلس النواب عبر برّي لتفسير المادة 95 من الدستور، وفي تشرين الثاني من العام 2020 رسالة حول التدقيق الجنائي، عقدت جلسة تلاوتها في 27 منه، للإجابة على رسالة الرئيس عون، فضلاً عن رسالة أخرى في 18 أيّار 2021 لسحب التكليف من الحريري، وفي 17 آب 2022 طلب فيها الرئيس عون من المجلس مناقشة الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي استجدّت بعد قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقف الدعم عن المواد والسلع حياتية وحيوية، أي المحروقات، وما نتج عنه من مضاعفات، وذلك لاتخاذ الموقف أو الإجراء المناسب في شأنها. فالدستور أولى رئيس الجمهورية حقّ توجيه الرسائل الى مجلس النوّاب، وقد استفاد الرئيس عون من هذا الحقّ، غير أنّ أي من الرسائل التي وجّهها الى المجلس لم يؤخذ بمضمونها، أو يُتخذ أي قرار حاسم بشأنها.