Site icon IMLebanon

تَـمَخَّضَ العهد… فَوَلَدَ «صليبا»  

 

كان لافتاً ما جرى منذ يومين في مجلس الوزراء الذي انعقد في القصر الجمهوري في بعبدا، حيث كان هناك إصرار من فخامة الرئيس بإعادة تعيين اللواء صليبا رئيساً لجهاز أمن الدولة، بالرغم من أنه بقي لنهاية ولايته سنتان، وما جرى في القصر الجمهوري، وفي اجتماع مجلس الوزراء كان مهزلة بالفعل إذ حاول أمين عام مجلس الوزراء أن يُنَبّه الى أنّ مرسوم قبول استقالة اللواء صليبا ومن ثم مرسوم تعيينه يحتاج الى عملية جراحية، خاصة وأنه حسب القانون فإنّ تعيينه يفتح المجال أمام الطعن، إذ يستطيع أي ضابط في جهاز أمن الدولة أن يبطل مرسوم تعيين اللواء صليبا.

 

المصيبة ان فخامته كان مصرّاً على التعيين بالرغم من أنّ أمين عام مجلس الوزراء وبطريقة هادئة كان يحذّر من الطعن بالمرسوم وهذا لا يليق بالرئاسة أو بمجلس الوزراء مجتمعاً.

 

بالنسبة لنا ليس الموضوع موضوع تعيين اللواء طوني صليبا، خاصة وأنّ هذا اللواء معروف بأنه أخلاقي وصاحب خبرة. لكن يبدو أنه يتأثر كثيراً بتلبية طلبات المسؤولين الكبار حتى ولو كان الطلب غير محق. هذا أولاً.

 

من ناحية ثانية، نقول إنه في الوقت الذي يُعْتَبر اللواء طوني صليبا مطلوباً إيقافه عن العمل لأنه مطلوب للمحاكمة في قضية تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وبالرغم من عدة محاولات لاستجوابه، فإنّ اللواء صليبا بدا فوق القانون لأنّ هذه إرادة المعلم؟؟؟

 

العجيب الغريب ان المطلوب للعدالة ينفّذ أوامر المعلم، ويريد جلب حاكم مصرف لبنان من ثلاثة أماكن يتواجد فيها: منزله ومصرف لبنان وبيته، ولولا حكمة اللواء عماد عثمان لجرت مجزرة، بسبب رعونة تنفيذ طلب القضاء السياسي. والحمدلله ان هناك مسؤولاً كبيراً عاقلاً يعرف كيف يتصرف وكيف يُجَنّبُ البلد الكوارث.

 

القضاء في هذا الموضوع للأسف هو قضاء سياسي، إذ ان تحرّك القاضية غادة عون هو تصرّف سياسي وذلك حسب طلب المعلم أيضاً.

 

بالعودة الى تعيين اللواء صليبا وإلى قرارات القاضية غادة عون التي تُظهِر ان البلد يحكم بطريقة عشوائية، لا تليق لا بتاريخ لبنان، ولا بالنظام اللبناني الديموقراطي الحر، ولا بالنسبة للحريات أو العدالة أو القانون.

 

أقول: إنّ صدور القرار لا يعني بالضرورة ان المرسوم سيصدر، فالباب مفتوح على احتمالات كثيرة، من ضمنها «توثيق» حصول فضيحة مدوّية في قصر بعبدا لأنّ القرار مخالف لقانون سلسلة الرتب والرواتب وقانون الموظفين.

 

فالقرار الصادر مخالف شروط التعيين لأحكام قانون الموظفين بعد أن تم تعديل المادة 152 من قانون الدفاع الوطني (القانون رقم 102 تاريخ 1983/9/16)، إذ انه وبحسب هذه المادة لا يجوز أن تحفظ وظائف الفئة الأولى لقدماء العسكريين، حيث يبقى التعيين خاضعاً لأحكام قانون الموظفين.

 

وبالعودة الى قانون الموظفين، فإنه يشترط في التعيين ما نصّت عليه المادة الرابعة المتعلّقة بشرط السن وما يتفرّع منه.

 

باختصار، فإنّ مرسوم قبول الاستقالة والتعيين معلّق صدوره الى حين إجراء تسوية ما أو توليفة معيّنة تحمي المرسوم في حال إصداره من الطعن به، لأنّ القرار الصادر عن مجلس الوزراء مخالف للقانون كما تبيّـن لنا سابقاً.

 

لقد جاءت قضيّة تمسّك فخامة الرئيس ميشال عون ببقاء صليبا في موقعه في مرحلة بالغة الحساسيّة والخطورة، تتخللها انتخابات نيابية ورئاسية لا أحد قادر حتى اللحظة على حسم حصولها في مواعيدها المقرّرة.

 

إنّ القرار الصادر من بعبدا بشأن اللواء صليبا، عجيب غريب. فاللواء صليبا يُحال على التقاعد في أيار من العام المقبل 2023، أي بعد نحو عام وشهرين، ولم يكن هناك أي داع للعجلة لإقرار التعيين. لكن فخامة الرئيس يحرص -على ما يبدو- على توفير الحماية لبعض رجالاته في الأمتار الأخيرة لنهاية ولايته الرئاسية..

 

وأخيراً لا يسعني القول سوى: لقد تمخّض العهد فولّد «صليبا».