Site icon IMLebanon

فضيحة التعذيب والتسريب

فضيحة الفضائح هي كارثة التعذيب والتسريب.

وما حدث في كنف قوى الامن، قد يحدث في كنف أي قوى أخرى.

وليس غريباً أن يخرج وزير الداخلية نهاد المشنوق نظيفاً من معركة خطيرة استهدفته، في أحلك الظروف وأصعبها، لكنه أثبت أنه نهاد عال في السمعة، ورفيع الجانب، حاضرا وماضيا في الممارسة.

وهو ليس نظريا في ادائه، صحافيا وسياسيا ومستشارا، وليس خوّاض مواقف جاهزة، بل رجل مبادئ ومواقف.

عندما اختاره الرئيس رفيق الحريري، مستشارا صحافيا، ادرك يومئذ ان الشاب الممتلئ حكمة ودراية، يتمتع بالحصافة، ويتحكم بالاحداث.

ولذلك، عندما غضب السوريون منه، بقي نهاد المشنوق.

وامعانا في التعريف به، فهو نجل رجل حكيم، يتكئ على ماض عريق، وشقيق وزير الداخلية السابق عبدالله المشنوق، وابن عم وزير البيئة محمد المشنوق.

واذا كان الرئيس سعد الحريري قد وقف معه في الازمة الراهنة، فهو يدرك ان وزير الداخلية الجديد، دخل الى القلوب، من اليوم الاول لتسلمه حقيبة حساسة، شغلها معظم الرؤساء في لبنان.

ولذلك، فهو منذ قرابة العام، يتعرض لحملات مغرضة أو محقة، تنسب اليه الصراع على الطموح، بينه وبين وزراء من تياره، ابرزهم وزير العدل اللواء اشرف ريفي، يتمحور حول منصب رئاسة مجلس الوزراء في الحقبة الآتية.

وهذه قصة تدور عادة بين الناجحين في مسؤولياتهم السياسية.

***

لا احد الا ويستهجن تسريب مشاهد التعذيب.

والوزير المشنوق تمكن بسرعة هائلة، من تجاوز هاجس الشعبية والآثار الشارعية، لأن التسريب ينطوي على نتائج سلبية.

وعاصفة التسريب استوعبها الوزير المشنوق من دون الوقوف عند اخطارها ومغازيها.

ذلك انه اكد للناس كافة، ان تعذيب السجناء جريمة سياسية وانسانية، تنطوي على فضائح، كما على عيوب انسانية ومسلكية، لم يمر احد بها الا وخرج منها مهيض الجناح وعاثر الحظ والشهرة.

كان الاستاذ كمال جنبلاط يقول ان وزارة الداخلية محرقة للرجال اذا ما عثروا، ومجد لهم اذا ما نجحوا.

وعندما تسلم حقيبة الداخلية في حقبة السبعينات، واشرف على انتخابات المقاصد الشهيرة، وقف خصمه السياسي صائب سلام، في طليعة الذين نوهوا بحياده ونزاهته، وقال للجميع، ان وزارة الداخلية مفخرة للرجال في الامور الصعبة.

وفي العام ١٩٦٩، استقال هنري فرعون من وزارة الداخلية، في ظروف دقيقة، الا ان الرئيس شارل حلو عهد بها الى الرئيس سليمان فرنجيه.

استعان وزير الداخلية بموظف شهير بنزاهته ووضعه الى جانبه.

والرجل الذي كسب الرهان على حياده، في العام ١٩٦٠، وجد الجميع يتطلعون الى نزاهته وحياده، ويرشحونه في العام ١٩٧٠، ليكون رئيس الجمهورية الجديد.