لا سؤال يعلو في لبنان على سؤال “في حرب”؟… وكأن الحرب ليست قائمة منذ ٩ اشهر، وكأن ما شهدناه طوال هذه الاشهر لا يؤسس في اي لحظة لاشتعال المنطقة ككل. لكن ما كان شيء وما نحن فيه راهنا شيء آخر مختلف كليا. اذ يُجمع اكثر من مصدر واسع الاطلاع على اننا بتنا في مفترق طرق اساسي، فاما ننزلق الى الحرب الشاملة التي يريدها رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتانياهو، والتي لا يعرف احد كيف ومتى تنتهي، واذا كانت قد تتحول الى حرب عالمية ثالثة؟ او يكون ما نحن بصدده التصعيد الأقصى الذي يسبق التسوية الكبرى المرجوة.
يقول مصدر سياسي رفيع ان “احتمال توسع المواجهة لحرب كبيرة يوازي راهنا احتمال العودة الى قواعد الاشتباك السابقة، سواء بين “اسرائيل” وايران او بين “اسرائيل” وحزب الله، لافتا الى انه “طوال الاشهر ال٩ الماضية كان احتمال الحرب الموسعة قائما، لكنه لم يتجاوز في يوم ال٣٠٪، لكن قرار نتنياهو المقامرة حاليا خلال الفترة الانتقالية في واشنطن، واعتقاده بأنه قادر على جر الولايات المتحدة الى مواجهة لا تريدها، من خلال عمليتي الاغتيال الاستفزازيتين اللتين قام بهما في ايران ولبنان، يجعل الامور مفتوحة على اكثر من سيناريو وبينها سيناريوهات خطرة جدا”.
ويعتبر المصدر انه “ايا كان حجم وشكل رد ايران وحزب الله على عمليتي الاغتيال، ففي حال كان هناك قرار في “تل ابيب” وبالتحديد من قبل نتنياهو باشعال المنطقة، فهو سيقوم بذلك سواء إن اوجعته الردود المرتقبة او بقيت باطار حفظ ماء الوجه”، لافتا الى ان “ربط احتمالية الحرب الموسعة بحجم رد محور المقاومة غير دقيق ، والكرة كانت ولا تزال في الملعب “الاسرائيلي”، اذ انه وبالرغم من حجم الاستفزازات “الإسرائيلية” غير المسبوق، فإن لا قرار لدى المحور باعلان الحرب الشاملة، من دون ان يعني ذلك انه ليس مستعدا لها، وقد اعدّ الخطط للتعامل مع كل الخيارات وحتى أسوَئها”.
صحيح ان نتنياهو، وفق ما رشح من معلومات، لم يعد بضوء اخضر اميركي للقيام بعمليتي الاغتيال او لتوسعة الحرب في المنطقة، الا ان الموقف والقرار الاميركي سيكون حاسما في مجال الحرب الشاملة. فاذا ارادت واشنطن حقيقة تجنب هكذا سيناريو فهي قادرة بممارسة ضغوط حقيقية على نتنياهو، لا دفعه بالعلن الى الهدنة والتسوية، في وقت تستمر بمده بالاسلحة اللازمة كما بنشر قواتها وسلاحها في المنطقة باطار دعم “اسرائيل”.
وبحسب المصادر، فان “واشنطن تجد نفسها اليوم محشورة الى حد كبير في الزاوية، وبخاصة ان عمليتي الاغتيال اللتين نفّذهما نتنياهو تندرجان الى حد كبير في سياق العمليات، التي كانت تحث الولايات المتحدة “تل ابيب” على اعتمادها منذ فترة، كبديل عن القصف العشوائي الذي استمر اشهرا في غزة وادى الى مقتل آلاف الابرياء”. وتشير المصادر الى ان “ما نقل عن الرئيس الاميركي جو بايدن لجهة قوله لرئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو بوجوب عدمَ الاعتماد على الولايات المتحدة لإنقاذه من الردّ المتوقع من إيران وحزب الله، لا نرى صدى له على الارض مع قرار واشنطن نشر المزيد من قواتها في منطقة الشرق الاوسط… وان كان نائب مستشار مجلس الأمن القومي الأميركي جوناثان فاينر وضع ذلك في اطار الإجراءات الوقائية والدفاعية، قائلا: “هدفنا هو خفض التصعيد، هدفنا هو الردع، وهدفنا هو الدفاع عن إسرائيل”.
آخر ما ورد على لسان فاينر يلخص ما قد نكون مقبلين عليه، لجهة ان واشنطن لن تتردد للحظة في الدفاع عن “اسرائيل” متى وقعت الواقعة، وهي لن تقف ولو لوهلة واحدة متفرج… هذا ما يدركه نتنياهو ويجعله يقوم برهانات كبرى، قرّبت المنطقة اكثر من اي وقت مضى من مرحلة الانفجار الكبير!