ليعد الديبلوماسيون الى بلادهم! فرحلاتهم المكوكية ليس لها أي قيمة «فعلية»! ولا أي تأثير على الاطلاق! ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة والغارات والمدافع والقذائف والصواريخ والمسيّرات…!
إرادة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في التهدئة ووقف النار التي فشلت مع أنطوني بلينكن في غزة ستفشل مع آموس هوكشتاين في لبنان. ومثلها ستفشل محاولات موفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جان إيف لودريان ومحاولات المندوب الأوروبي جوزيه باريل والمحاولات العربية والحركة في أروقة الأمم المتحدة… يكفي النظر الى غزة!
لا تتقاطع استراتيجية حزب الله مع استراتيجية الجيش الاسرائيلي إلّا في الميدان!
فكل منهما يريد «المستحيل» من الآخر! إسرائيل تريد انسحاباً غير مشروط لحزب لله من جنوب الليطاني الى شماله. وحزب لله يريد من إسرائيل وقف الحرب على غزة! وأي من الشرطين لا يمكن تحقيقه بالتفاوض!
ما يعني أن الاستمرار في الحرب في هذا الإطار يصبح حتمياً. ولزمن طويل!
مواجهة حزب لله والجيش الإسرائيلي في الميدان!
ينتظر حزب لله الجيش الإسرائيلي في البر للإطباق عليه! فهو يسعى لتطبيق خطة «الكماشة» الدفاعية، والتي تُعرف بلغة كرة القدم «بالكاتيناتشو»! (وهو أسلوب الدفاع الكروي الشهير للمنتخب الإيطالي). إذ أن الحزب حضّر للجيش الإسرائيلي الأفخاخ والحفر، وأيضاً الأنفاق على الأرجح!
حزب الله يعتقد أنه قادر على تكرار «مقبرة الميركافا» في وادي الحجير في حرب تموز 2006. والجيش الإسرائيلي يعتقد أنه تعلّم الدرس!
لذلك يعمد الجيش الإسرائيلي الى تحطيم الإطار التنظيمي لحزب لله باغتيال القادة العسكريين في معظم الصفوف الأولى، والى ضرب منصات الصواريخ ومخازن الأسلحة وشل المقاتلين (أبعد حوالى 3.000 مقاتل في البايجرز واللاسلكي) والى تعطيل قدرة التواصل فيما بينهم، والى ضرب كل وسائل الاتصال (موبايل، لاسلكلي، بايجرز…)، والى تهجير وتدمير وقتل أهله وبيئته والى الضغط على كل اللبنانيين… بالإضافة الى اعتماده على التفوّق الإلكتروني والسيببراني وسلاح الجو وحاملات الطائرات الأميركية والإعلام الدولي.
وليس هناك مؤشر لنوايا إسرائيل بإنهاء حزب لله عسكرياً بالكامل، بمعزل عن قدرتها على تحقيق هذه النوايا! فالمؤشرات تقول إن إسرائيل تسعى الى إبعاد الحزب عن حدودها مع الإبقاء على احتفاظه بسلاحه في الداخل اللبناني!
ومع ذلك، يدرك الجيش الإسرائيلي، الذي وصلت فاتورته الى أكثر من 600 قتيل في غزة، أن هذه الفاتورة قد ترتفع كثيراً في لبنان. وهذا لن يمنعه من خوض المعركة البرية وصولاً الى حزام أمني بعمق يتراوح بين 10 كم كحد أدنى و40 كم كحد أقصى (الى الليطاني)، معتمداً على سياسة الأرض المحروقة، الهجومية هذه المرة وليس الدفاعية!
إسناد حزب لله من دون إسناد له!
وما اتضح أخيراً أن حزب لله يخوض حرب إسناد غزة من دون إسناد له في الحرب الشاملة ضد إسرائيل؛ لا من إيران ولا من سوريا، سوى بالدعم المالي واللوجيستي! وباستثناء طلقات متقطعة من الحوثيين في اليمن ومن بعض الميليشيات العراقية الحليفة.
وكان «سوريالياً» موقف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في حديثه الى شبكة «سي إن إن»، الذي كرّر مراراً أن حزب الله يخوض الحرب «بمفرده». وأنه غير قادر على خوضها… «بمفرده»!
ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يكون هناك توازن لفاتورة حزب الله مع ثقل الفاتورة الإسرائيلية!
ما هو مخرج الحل؟!
لا حل ديبلوماسي قبل النار وقبل شلال من الدم! فالحل الديبلوماسي لن يأتي «عالبارد»! فهو سيأتي في النهاية فوق مركب يخترق نهر دماء ودمار على أرض لبنان!
قد يكون القرار 1701 معدلاً هو الحل «المؤقت» في النهاية، بانتظار تسوية كبرى تشمل إعادة الأراضي اللبنانية التي تحتلها إسرائيل. هذا إذا ما وافق حزب لله على هذه التسوية في المدى البعيد!
حزب لله أصبح يربط وجود سلاحه بتحرير القدس! إذ يدرك الجميع أن وظيفة السلاح أصبحت إقليمية، ولم تعد لبنانية فقط، منذ زمن بعيد! فخيار المقاومة بالنسبة للحزب أصبح فلسطينياً أيضاً.
وتبدو المعركة طويلة في الزمان والمكان «المناسبين»! والمؤكد هو أن الفاتورة على لبنان وعلى مواطنيه، وفي مقدمهم بيئة حزب لله، وعلى بنيته التحتية، ستكون ثقيلة جداً… جداً! ولكن في عقيدة حزب لله، الأثمان لا قيمة لها أمام الأهداف. والهدف بالنسبة لنصرلله هو نصرة غزة!
أما اليوم التالي في غزة، وعلى الرغم من إسناد حزب لله، يبدو من دون «غد»! من دون أفق لدولة، لا في دولة ولا في دولتين!
الحرب الشاملة بين حزب لله ولبنان وبين اسرائيل بدأت منذ أيام من دون سقف عسكري ومن دون سقف زمني… فالكل يعرف متى بدأت، ولا أحد يعرف لا متى، ولا كيف ستنتهي!