IMLebanon

لا خيار ثالث

 

كل الكلام عن دخول لبنان في الحرب الشاملة هو في غير مكانه لأنّ لبنان عملياً منغمس في الحرب ويدفع الثمن شهداءً وجرحى ودماراً والمزيد من التراجع الإقتصادي، وبالتالي فإنّ الأصح القول هو الخوف من توسّع الرقعة الجغرافية للحرب ما سيؤدي حتى إلى المزيد من الخسائر اللبنانية.

 

لا ينفع لبنان أن يخفي خسائره في هذه الحرب لأنّها في النهاية حقيقة واضحة لكل الرأي العام اللبناني حتى ولو كانت فئة من هذا الرأي العام تحاذر الحديث عن هذه الخسائر، إما للحفاظ على المعنويات وإمّا خشيةً من اتهام بعمالة أو خيانة.

 

هذه الحرب الدائرة لا أحد يعلم كم ستستمر ولكن في نهايتها سيسأل الجميع عما تحقق، وطبعاً سيتم استذكار الشهداء وسيطالب المتضررون في منازلهم وأرزاقهم ومصالحهم بتعويضات كي ينطلقوا من جديد. والسؤال الأساسي هنا: من سيعوض على كل هؤلاء؟ الدولة أم «حزب الله»؟ أم الدولة و»حزب الله»؟ وهل التعويض سيقتصر فقط على من تضرر مباشرةً أم أنّ الذين تضرروا في شكل غير مباشر سيحصلون على تعويضات أيضاً وهم على مساحة كل لبنان؟

 

يأمل اللبنانيون المتضررون من هذه الحرب أو الذين قد يتضررون من توسّعها، أن تكون الحرب الأخيرة التي تطال لبنان وأن لا يُزج هذا البلد بعد سنوات في حربٍ جديدةٍ. ولكن الضمانة في ذلك ليست متوفرةً أبداً لأنّ من يفترض فيهم أن يضمنوا هذا الهدوء، إمّا لا قرار لهم كالدولة اللبنانية، وإمّا يرتبطون بمشاريع أبعد مما يجري فقط على أرض الجنوب بحيث أنهم يتجاوزون الحدود في مشاريعهم للقتال، إما في سبيل تحرير فلسطين وإما في سبيل ضرب أي مجموعات تهدد المشروع الأساسي لهم وامتدادات هذا المشروع في الدول القريبة والبعيدة. وهذا ما جسّده ويجسّده «حزب الله».

 

إن اللبنانيين وبعد هذه الحرب يطالبون في السر والعلن باستقرارٍ مستدام وبعدم تكرار تجربة الحروب الداخلية والخارجية التي تعطل انطلاقة الدولة والإقتصاد، وإن كان اللبنانيون يريدون فعلاً هذه النتيجة فإنّ مفتاحها في يدهم شرط أن يدركوا الحقائق التي نجمت عن زجهم في مغامرات غير محسوبة فيعمدون إلى تصحيح الوضع من خلال محاسبة كل من أوصلهم إلى هذا الواقع. فالتفكير وطنياً وفي تغيير الواقع إلى الأفضل لا ينطلق أبداً من حقدٍ أو من رفض ممارسة النقد الذاتي أو من عدم مقارنة الإيجابيات بالسلبيات، بل ينطلق من وضوحٍ في الرؤية واعتماد سياساتٍ تطبقها أطراف سياسية توصل البلد إلى ما هو أفضل. ويتجسد ذلك بوضوح في منح أكثريةٍ كاسحةٍ لمن لا يريدون الحرب ولمن لا يريدون موت المزيد من الناس ولمن يريدون بلداً متطوراً ومستقراً، والأهم أن نختار من لا يدفع اللبنانيين للتفتيش عن جنسيةٍ ثانيةٍ والهجرة من البلد.

 

لا خيار ثالثاً في مستقبل لبنان، فإمّا ساحة للحرب وإمّا ساحة للإستقرار.