أسئلة معظم الناس، خلال هذه الفترة الحرجة التي يتخبّط فيها الوضع اللبناني، تكاد تُختصر بسؤال واحد عن الفراغ الرئاسي الذي يستعدّ لدخول شهره الثامن.
وعلى رغم انهماك السواد الأعظم من اللبنانيين بتداعيات وذيول الشلل الشامل، والضائقة الماليّة والمعيشيّة الحادّة، فإن السؤال الرئاسي على كل شفة ولسان: هل من رئيس للجمهورية في المدى المنظور؟ وهل يكون توافقياً؟
واقعياً، ليس الناس العاديون وحدهم مَن يطرحون هذا السؤال أينما حلّوا، وأياً تكُن الأحاديث والأجواء، فالوزراء والنواب والصحافيّون والمحلّلون يحملون بدورهم سؤال الهمّ الرئاسي الملفوف بعلَم الفراغ وعلامة التعطيل.
إنها محنة كبيرة، وسط منطقة تجتاحها الحروب والأعاصير الدامية من كل حَدب وصَوب. فما الجديد على هذا الصعيد، وهل من مؤشّرات جديّة توحي بحلحلة إيرانيّة إقليميّة على دوليّة في الاستحقاق المخطوف؟
لا بدّ من الوضوح لهذه الناحية. ولا بدّ من تحرير الاستحقاق أولاً، ثم إزالة العراقيل والعَقَبات من دربه… ودرب الحوار الذي ينتظره اللبنانيون بين “تيّار المستقبل” و”حزب الله”، والذي على أساس نتائجه تُبنى الحلول ويتمّ التفاهم على الرئيس.
هل وافقت إيران على “التوافقي”؟
هل حصل عرْض لأسماء أشخاص معيّنين؟
بتأنٍ قريب من التحفّظ أجابني مسؤول، مُطلع ومَعنيّ بالاستحقاق المعلّق على رفّ الانتظار، “بأن ملامح حلحلة إقليميّة ودوليّة هادئة وبطيئة بعض الشيء بدأت تلوح في الأفق الرئاسي”.
ووفق معلوماته، إن امتدادات هذه الحلحلة تشمل باريس وطهران “بلا أدنى ريب”، ومدعومة في الوقت نفسه من عواصم عربيّة لها ثقلها ودورها في المنطقة، والمملكة العربيّة السعوديّة لا تقصّر في بذل كل الجهود التي تُساعد على اجتياز الحواجز والخلافات والتعقيدات، متحاشية التدخّل المباشر.
هنا يُطرح سؤال الموقف الإيراني نفسه، باعتبار أن طهران لم تعُد تخفي تطلّعاتها “المستقبليّة” بالنسبة إلى “دور خاص لها ومميّز” في كل صغيرة وكبيرة، كما في كل شاردة وواردة.
الجواب من المسؤول ذاته، وباقتضاب أيضاً : إن حلحلة الموقف الإيراني في حال حصولها فعلاً ستنعكس تسهيلاً مباشراً لـ”الحوار الثنائي”، كما للاستحقاق.
وهنا يُعيد المسؤول قراءة معلومات وردَت سابقاً، مفادها أن المبعوث الفرنسي جيرو سمع من الرئيس الإيراني حسن روحاني ما كان قد سمعه الرئيس تمّام سلام من الرئيس روحاني عند لقائهما في نيويورك: إن إيران تشجّع أي تفاهم على انتخاب الرئيس.
لكن العاصمة الفرنسيّة تعتقد أن الموقف الإيراني لا يزال غامضاً، فهناك الحرس الثوري والمتشدّدون والغامضون…