السياحة تحسّنت بعد 17 تشرين الأوّل، صحيح «ما في دومري» جاءنا للسياحة، إنما السياحة تحسّنت، بلدٌ عليه مئة مليار دولار دين، لا مورد له إلا السياحة، وهو يتّكل على السياحة الخليجيّة تحديداً، وحركة السياحة فيه معطّلة منذ عشر سنوات، وكلّ ما يتعلّق بحركة السياحة هذه أفلس أو يعلن إفلاسه، ولهم العجب هؤلاء المسؤولين الذين لا يزالون يعتقدون أنّ بإمكانهم الضحك على عقول الشعب اللبناني الذي أدار لهم ظهره منذ زمن، وغسل يديه من كل خدعهم!
لم يبقَ للمواطن اللبناني لحمٌ حيّ لتقتطع منه هذه الدولة شيئاً، وكلّ ما يقال ذرّ للرّماد في العيون، نحن أمام دولة «تُشلّح مواطنيها»، بلدٌ من دون دخلٍ حقيقي غارق في دفع فوائد الدّين وهو أيضاً عاجز عن دفع الدّين ولا فوائده وعاجز عن تأمين مداخيله ولا تحقيق وعود آمنة للسيّاح الخليجيين ليقصدوا البلد، ولن يقصدوه لأنّهم يسمعون شتائم دولهم وحكامهم من تلك الشاشة التي يطل منها أمين عام حزب الله حسن نصرالله مالك زمام الحكم الحقيقي في لبنان وراهن قرار سلم لبنان وحربه لطهران ومرشده الإيراني، ومع هذا السياحة تحسّنت يا جماعة!!
بالأمس قيل للبنان و»بالخطّ العريض» إذا لم يدعم لبنان نفسه فلا ينتظر دعماً من المجتمع الدولي، ما يحزّ في نفس أي مواطن لبنان أن هذه الحكومة وكلّ الحكومات التي سبقتها لم تملك يوماً برنامج إصلاح، ومع أنّها ثرثرت عنه ليل نهار، «ولك حلم تملك حتى خطّة نهب»، «إهبش وامشِ»، دولة عجزت عن إنجاز شيء، ولا تملك مشاريع تنهض بالبلد واضحة التفاصيل، ويضحك اللبنانيّون عندما يسمعون مطالبة المجتمع الدولي لها بخطة ومدة تنفيذ واضحيْن لأنهم غير مضطرين لسماع أكاذيب يصدقونها عندما تقول لهم أي حكومة أنّها تملك خطّة طوارىء إقتصاديّة تنقذ البلد، فلا خطّة ولا من يخطّطون ولا إنقاذ ولا من ينقذون، «بس السياحة تحسّنت»!!
أيّ مجتمع دولي لا يزال عنده قابليّة لتصديق المسؤولين اللبنانيين؟ وأي مجتمع دولي لا يزال يعطي كلام المسؤولين اللبنانيّين اعتباراً فيما هم يخدعون أنفسهم أولاً وشعبهم ثانياً ودول العالم ثالثاً، عملياً نحن عاجزون عن إنقاذ أنفسنا، يدرك الجميع في لبنان أنّ البلد تحوّل إلى مستودع للصواريخ الإيرانيّة وجبهة متقدّمة لإيران من دون أن يأخذ حزب الله حتى رفض الشعب اللبناني لأجندته الانتحاريّة بعين الاعتبار!
الكذب على النّفس شأن شخصي لسياسيّين اعتادوا على خداع أنفسهم ومناصريهم، وهو عدم اكتراث أو احترام للشعب اللبناني الذي يأتي في أدنى سلّم اهتماماتهم، ولكن الإصرار على الكذب على ما تبقى من دول صديقة تحاول إنقاذ لبنان، فهذا من أعجب العجب…
القاعدة المنطقية بأنّ أقصر الطرق بين نقطتيْن هو الخط المستقيم، ولكن في لبنان لا يوجد خطوط مستقيمة ولا يوجد صدق ولا نوايا صادقة، أزمتنا أكبر بكثير من مساعدة المجتمع الدولي للبنان ومطالبة هذا المجمتع لنا بأن نساعد أنفسنا أوّلاً تفضح القشرة الهشّة التي يستر الجميع نفسه بهشاشتها، فما يحدث أكبر عمليّة خداع منظّمة للبنانيّين ولدول العالم لإيهامهم بأنّه بعد وصول أموال المساعدات سيكون الحال غير الحال، في الواقع حتى وإن أتى بعض أموال المساعدات إلى لبنان فهو ذاهب إلى ما هو ألعن وأضلّ سبيلاً بفضل تحكّم حزب الله بمصيره، هذه هي الحقيقة مهما كابر وكذّب وتآمر اللبنانيّون حتى على أنفسهم!
منذ سبعينات القرن الماضي لا طلعت على الأميركي ولا نزلت على الفرنسي، فيوم كان هناك في فرنسا فرنسوا ميتران وكان فيها جاك شيراك لم يساعد لبنان نفسه حتى عندما رغب الزعيميْن الفرنسيين في مساعدته، نحن بلدٌ معلّق بحبال الهواء ويوشك على السقوط في أي لحظة، «بس السياحة.. تحسّنت»!!