Site icon IMLebanon

إنتهى الصيف… ماذا عن السياحة بعد؟

 

«راحت سكرة الصيف وأتت فكرة الصمود في فصل الشتاء». فبعد النجاح الذي حققه القطاع السياحي مقارنةً مع العام الماضي، وبعدما عوّل اللبنانيون على دولارات الوافدين لإنعاش الاقتصاد، وبعد الاستقرار الذي شهده سعر الصرف خلال هذه الفترة، كيف سيكون حال القطاع السياحي بعد انتهاء الموسم؟ وهل من توقعات بحركة مشابهة للصيف في موسم الأعياد؟

 

قيّمت فعاليات القطاع السياحي موسم صيف 2023 بـ»الممتاز» و»المكلل بالنجاح»، كما وأثبت القطاع السياحي أنه العمود الفقري الباقي للاقتصاد اللبناني رغم الأزمات المتتالية. ولكن ما عاشه لبنان سياحياً في صيف 2023 قد لا يكون مطابقاً مع واقعه فعلياً، فعلى أرض الواقع هناك 80 في المئة من الشعب اللبناني تعاني الفقر بأبعاد مختلفة، ومن يجول في المعالم السياحية ومن يملأ المطاعم والمقاهي والملاهي هم 20 في المئة من الشعب اللبناني بالإضافة إلى المغتربين والسياح.

 

 

 

إنجازات صيف 2023

 

لقد حققت السياحة في لبنان هذا العام نجاحات على مختلف الأصعدة، واظهر العاملون فيها جدارتهم وجديّتهم واصرارهم على المتابعة والمثابرة للوصول الى تقديم أفضل الخدمات. ومن أهم انجازات صيف 2023 بحسب المعنيين في القطاع السياحي:

 

– من ناحية أعداد الوافدين، قدوم أكثر من 1.5 مليون سائح خلال الصيف إلى لبنان، مقارنة بمليون و200 ألف سائح في العام الماضي. أما بالنسبة لجنسية الوافدين، وما ميّز موسم 2023 هو ارتفاع نسبة السياح من العرب والأوروبيّين واللبنانيين القادمين من قارات بعيدة جداً، من البرازيل وأميركا الجنوبية وكندا، بالإضافة إلى اللبنانيين العاملين في أفريقيا والخليج.

 

– من ناحية الايرادات: تقدر عائدات القطاع السياحي بـ 6 مليارات ونصف مليار دولار.

 

– بلوغ نسبة الإشغال ما بين 80 و90 في المئة في معظم الفنادق وبيوت الضيافة والمطاعم واماكن السهر التي تقع في المناطق السياحية الرائجة…

 

– إنطلاق اللامركزية عن طريق السياحة، ودخول مناطق جديدة إلى الخريطة السياحية، وأصبح هناك تعديل في السياحة في لبنان، عن طريق الانتشار الواسع للمؤسسات السياحية الصغيرة التي نشأت حديثاً كبيوت الضيافة والـ Airbnb على معظم الأراضي اللبنانية، الأمر الذي أدى إلى تنشيط الحركة السياحية في المناطق التي تصنّف بالبعيدة وغير الموجودة على الخريطة السياحية.

 

– زيادة في الاستثمارات في هذا القطاع، من بيوت ضيافة ومقاهٍ ومطاعم وملاهٍ وبالتالي خلق فرص عمل جديدة وتحسين رواتب العاملين.

 

– إثبات وجود القطاع السياحي في لبنان حيث أنه سيبقى صامداً رغم التحديات، وعزيمة أصحاب المطاعم والمقاهي على الوجود وانتشارهم في جميع المناطق السياحية وتقديم عدة خدمات بمستويات مرتفعة.

 

الرامي: الحركة ستبقى في المطاعم الرائجة والأكثر طلباً

 

بعدما أثنى رئيس نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسيري طوني الرامي على موسم 2023 والنجاح الذي حققه، حيث كان هذا بمثابة جرعة أوكسجين، أكد أن «كل التوقعات بشأن ما بعد هذا الموسم تبقى خاضعة للترقّب، فمن جهة يواجه هذا القطاع عدة تحديات ومنها الكهرباء وكلفتها الباهظة، ومن جهة أخرى غياب الاستقرار الامني والسياسي، وغياب أي إصلاحات التي من الممكن أن تساهم في تحقيق سياسة اقصادية مستدامة. فالسياحة في لبنان ليست مستدامة، واليوم ومع تراجع الطبقة الوسطى في لبنان وعودة المغتربين الى بلادهم ستتراجع السياحة، لأنها أصبحت سياحة اغتراب ومواسم. ولكن تبقى الظروف أفضل مما كانت عليه من قبل، فالحركة ستبقى في المطاعم الرائجة والأكثر طلباً خاصةً في عطلة نهاية الأسبوع، ومن المتوقع أن تعاود نشاطها الفعلي في فترة الأعياد».

 

كنعان: 50 بالمئة من غرف الفنادق بقيت مغلقة

 

ويرى رئيس لجنة السياحة في المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي وديع كنعان أن «القطاع السياحي حقق نجاحاً وتمكن من الخروج من الأزمة التي شلّت حركته، ومن النتائج السلبية التي ترتبت عليه جراء جائحة كورونا. ولكن في الحقيقة، لم تكن السياحة مزدهرة مثلما كان عليه الوضع قبل 2019. فمن جهة، هي الآن ترتكز على الاغتراب والسياحة الداخلية، دون الخليجيين الذين هم أساس السياحة في لبنان وكذلك البلدان الأخرى مثل أوروبا وكندا وغيرها… ومن جهة أخرى، واذا أردنا الغوص أكثر في الأرقام، هناك حوالى 50 بالمئة من غرف الفنادق ما زالت مغلقة، وعملت الفنادق لفترات قصيرة حسب الموقع والجودة، وكان طلب بعض الزبائن يميل أكثر الى بيوت الضيافة لأن السائح هو المغترب اللبناني هاوي المغامرات. وبالنسبة لمناطق الجبل مثل فاريا وفقرا، فإن الفنادق التي عملت على التسويق بطريقة جيدة وشفافة واعلنت عن اسعارها بوضوح وصلت الى نسبة اشغال 70 بالمئة على مدار شهر كامل، أما بالنسبة للفنادق التي لم تعلن عن أسعارها بشكل واضح والتي لم تقم بالتسوق بطرقة شفافة، وصلت نسبة الاشغال فيها بين 30 و 50 بالمئة».

 

خلق مؤسسات جديدة تواكب العصر الـtrend

 

«حتماً ستكون فترة ما بعد هذا الموسم الحافل صعبة على الفنادق»، يقول كنعان، «خاصةً بعدما عادت الأسعار الى مستويات ما قبل الأزمة ودولرتها بالكامل، ومن الصعب الصمود إن لم يكن هناك سياحٌ حقيقيون، من غير اللبنانيين المغتربين والمقيمين. واليوم إذا كانت نسبة الاشغال عالية في الفنادق، فهذا يعود الى تراجع عدد الغرف مع إغلاق عدد من الفنادق أو إغلاق قسم من التي ما زالت صامدة. فعلى سبيل المثال: قبل 2019، كانت الحجوزات ترتفع الى 2000 غرفة وتكون نسبة الاشغال 100 بالمئة، أما اليوم يمكن أن تكون نسبة الاشغال 100 بالمئة مع نسبة حجوزات تصل الى 700 غرفة. فالمؤسسات التي ما زالت صامدة هي التي تعمل، أما نحن فننظر الى المؤسسات المغلقة والتي يصعب عليها العودة الى السوق والعمل من جديد. واعادة فتح هذه المؤسسات تتطلب تسهيلات مصرفية، ويمكن أن يكون الحلّ عن طريق الاستعانة بمصارف استثمارية محلية أو جديدة. من المفترض مساعدة أصحاب المؤسسات على اعادة فتح مؤسساتهم من جديد، من خلال التمويل أو جلب شركاء جدد. ونحن كمجلس اقتصادي اجتماعي وبيئي نعمل على خلق الحوكمة داخل تلك المؤسسات لأن أغلبها عائلية بحاجة الى تنظيم، كي تتمكن من الاستفادة من المصارف الاستثمارية. وتمكنا من خلق علاقات خاصة مع لبنانيين موجودين في الخارج، في لندن وسويسرا وغيرها، متخصصين في هذا المجال. إذاً هذا هو الاتجاه الوحيد الذي يجب أن نعمل عليه كي نتمكن من اعادة فتح مؤسساتنا، أو إعادة خلق مؤسسات جديدة تواكب العصر وتكون trend خاصةً أن السياحة العالمية تطوّرت وأصبحت تتطلب استثمارات جديدة تتماشى مع هذه التطورات ومع مختلف الأذواق».

 

كفيلون بقيادة التعافي إذا…

 

وكان قد أشار رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس المجلس الوطني للسياحة في لبنان بيار الأشقر لمناسبة يوم السياحة الى ان «القطاع السياحي بمختلف مؤسساته اثبت قدرة فائقة على لعب دور كبير في تقوية ركائز الإقتصاد الوطني وتحريك العجلة الإقتصادية ودعم القطاعات والعائلات اللبنانية، وكذلك وبشكل اساسي تثبيت سعر صرف الدولار مقابل الليرة وإدخال إيرادات كافية للخزينة». وناشد الأشقر جميع المسؤولين «للقيام بوقفة ضمير كي يسرعوا بانتخاب رئيس للجمهورية الذي يشكل مدخلاً لإنتظام الحياة السياسية ووضع البلد على طريق التعافي». وقال: «نحن كقطاع سياحي كفيلون، بما لدينا من طاقات وامكانات هائلة في لبنان والتي ظهرت بشكل جلي خلال موسم الصيف، بقيادة عملية التعافي الإقتصادي بأسرع مما هو متوقع بكثير».