Site icon IMLebanon

نحو التعقل عربيا واقليميا ونحو الجنون النووي دوليا

من اللافت في هذه الحقبة من التاريخ المعاصر، وجود مسارين مختلفين ومتعاكسين للأحداث على الصعيد الدولي من جهة، وعلى صعيد هذه المنطقة، من جهة ثانية، هنا في المنطقة العربية يبدو ان رحلة الرعب والجنون التي امتدت طوال السنوات السابقة غادرت الذروة وبدأت رحلة الهبوط الآمن على أرض التعقل والهدوء والاستقرار، أو هكذا يبدو على الأقل في الظاهر. أما على الصعيد الدولي، فيتجلى مسار مناقض ومعاكس تماما، بتصاعد التوتر الى حدّ لا مثيل له منذ الحربين العالميتين، مع مؤشرات تنذر ببداية رحلة جنون نووي تضع مصير الحضارة البشرية والانسانية على المحك!

في هذا الاقليم الذي يضم عربا وغير عرب مؤشرات توحي بالتفاؤل والأمل، وبأن الأعصار الذي اجتاح المنطقة في السنوات السابقة يصل اليوم الى مرحلته الأخيرة. ومن علاماته ان عصابات الارهاب – وأكثرها عتوا الارهاب التكفيري ممثلا بداعش وأخواتها، هو الآن في مرحلة النزع ويلفظ أنفاسه الأخيرة. ومن الثابت أن كل الأطراف المعنية المتورطة في الصراع، قد تعبت وأنهكت وأدركت أن عصف الجنون في اتخاذ القرار السياسي قاد الى الهاوية وسوء المصير. وهناك الآن بصيص ضوء خافت في نهاية النفق من الممكن أن يؤدي – بكثير من الحكمة وبعد الرؤية – الى فتح أفق واعد في يوم ما من المستقبل.

من أخطر الألغام المدمرة للمنطقة هو هذا الصراع الذي فقد بوصلته ويقسمها الى طرفين متناحرين ومتحاربين بصورة شبه مباشرة أو بالواسطة، تحت عنوان: عرب وفرس، ليحلّ محلّ العنوان السابق الذي توّج مرحلة تمتد الى عشرات العقود، وكان في الاتجاه الصحيح، وكان صراع العرب والصهيونية. ويتضح اليوم للأطراف كافة ان بعض الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، استثمرت في تحويل مجرى هذا الصراع، واستغلته لاستنزاف الجميع لمصلحتها أولا وأخيرا. وأي تفاهم خليجي – ايراني بقيادة السعودية، من شأنه أن يقلب الأوضاع المأساوية الراهنة رأسا على عقب، في اتجاه الأمن للجميع والاستقرار والازدهار والتعاون البنّاء. وبخاصة بعد ان بدأت تلوح في الأفق بوادر تغيير تاريخي في اعادة هيكلة للنظام الخليجي، وفقا لما أشارت اليه نيوزويك الأميركية في أحد أعدادها الأخيرة…

أما على الصعيد الدولي، فقد بدأت رحلة جنون نووي انطلقت من كوريا الشمالية، وأخذت أصداؤها تلفّ العواصم لتستقر – كما هو منتظر – في المقلب الأول من العالم وعاصمته واشنطن، حيث يتولى قيادة الدفة رئيس من طراز دونالد ترامب، مشكوك في توازنه وقدراته… بل ان البعض يقول ان الرئيس ترامب في واشنطن ما هو إلاّ نسخة معدّلة وملطّفة عن الرئيس كيم جونغ أون في بيونغ يانغ! والفارق في الحالتين هو وجود كوابح في النظام الأميركي، في حين أن الناس في كوريا الشمالية هم على دين ملوكهم! وتجربة تفجير القنبلة الهيدروجينية الكورية ليست سوى جزء من المشهد الدولي المظلم، ويضاف اليه التدهور الدبلوماسي غير المسبوق بين واشنطن وموسكو!

الرئيس الأميركي ترامب، غارق اليوم في الدوامة الكورية الشمالية… في حين ان دولة عظمى أخرى في العالم مثل الصين تفكر بالمستقبل وتبتكر أسلوب التبادل التجاري معها بعملتها الوطنية ال يوان، ومن لا يرغب بذلك فبالذهب! أي بالنتيجة حذف التعامل بالدولار! ماذا اذا لحقت بها روسيا؟ أو دول البريكس: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا؟!