IMLebanon

الإتحاد العمالي… غضبٌ “غب الطلب”

 

إكتشف الإتحاد العمالي العام فجأة ان هناك أزمة كبيرة تستدعي التحرك في “يوم غضب” يهز أركان الحكم والحاكمين، فيما كان أفضل لو انشغل بحلّ نفسه وتجديد شبابه متخلّصاً من قيادة الانتهازيين التابعين.

 

والإتحاد العمالي يستفيق من السُبات لا ليعوِّض عن تقصير في مواكبة ثورة الشعب اللبناني ويستعيد دوراً كان يُفترَض ان يؤديه نصرة لانتفاضة الكرامة والمواطنية وحفظاً لقوت اللبنانيين، بل ليلبي أجندة أحد أطراف “المنظومة” المسؤولة عن خراب البلد وإفقار الجميع.

 

لا يُذكر الإتحاد العمالي منذ وَضعت سلطة الوصاية السورية يدها على البلاد إلا بأدوار مشبوهة وتحركات شعبوية وتحالفات مزرية كانت تصب في خانة نزاعات أهل السلطة. وبدل ان يشكل مرجعاً في احتساب قدرة اللبنانيين الشرائية ليجمع العمال على برنامج مطلبي نزيه، صار أداة للتظاهر “غب الطلب” بل لتكريس تشتيت العمل النقابي.

 

كان يؤمل ان يشكل الإتحاد العمالي احد عناصر الوحدة اللبنانية المستعادة بعد اتفاق الطائف، وأن يتحول مؤسسة جامعة تعيد وصل ما قطعته الحرب بين اللبنانيين على قاعدة المصلحة المشتركة للعمال والموظفين، في الدفاع عن لقمة الخبز والمستوى المعيشي والدولة العادلة التي تضمن الاستقرار والنمو، غير انه بتبعيته المطلقة للميليشيات وطموحات مسؤوليه في تصدر المناسبات، صار تفصيلاً سواء لدى من يجب عليه تمثيلهم او في عيون الشعب اللبناني، ولم يسمع صوته الا حين كانت تقتضي مصلحة مُشغِّله المحلي.

 

لا يتحمل الإتحاد العمالي مسؤولية التدهور الذي نعيش فيه، بل يتحمل مسؤولية الفشل في إعادة تجميع العمال والحركة النقابية في اطار وطني حقيقي للتصدي لفساد السلطة المالي والسياسي. فلا قاومَ مشاريع النهب إلا من منظور ناهبين معينين ولا دعا الى استعادة الدولة والسيادة، ففقد بالتالي مبررات وجوده على كل صعيد.

 

يلبي بشارة الأسمر الذي لا يعدو كونه واجهة لـ”حركة أمل” في الإتحاد العمالي اليوم مطلب “الثنائي الشيعي”، استنزاف ما تبقى من دولارات في المصرف المركزي في لعبة “الدعم” الجهنمية، وكأن اللبنانيين لم يكتفوا من الاكتواء بنار التواطؤ بين حاكم مصرف لبنان والطبقة السياسية على مدى ثلاثة عقود، ليُستكمل السطو على ما تبقى من مدخرات تحت يافطة مناصرة الشعب الفقير.

 

كان أجدى بالإتحاد الانضمام الى مطلب اللبنانيين جميعاً المتضرّرين من بقاء سلطة الفساد والإفساد ومطالبتها بالتنحي والاسراع في تشكيل حكومة مستقلين حقيقيين، وليس التذكير بالتحرّك المشؤوم للاتحاد الذي مهَّد لـ”اليوم المجيد” في 7 ايار والذي يدفع النظام السياسي وكلّ الشعب ثمن تداعياته حتى وقتنا الحالي.

 

أسوأ ما في الظهور المُبرمج للإتحاد العمالي أنه يقطع الأمل بوجود حركة عمالية ونقابية وطنية جامعة، ويفتح باب الأسئلة عن جدوى وحدتها ما دامت شكلية وفي خدمة طرف في السلطة همُّه رفد مشروعه السياسي الاقليمي بأداة قابلة للاستغلال والتحريك، ودائماً ضدّ تطلعات الشعب الى بناء الدولة والتغيير ومحاسبة المرتكبين.