لا يكفي أن يكون عندنا قانون للسير (حديث نوعاً ما) لتنتفي الحوادث المروّعة التي تحصد الناس بأرقام مرعبة، على طرقات لبنان كلها.
يومياً يسقط سالكو طرقات لبنان ضحايا الحوادث التي يستوي فيها ما يقع على الطرقات المسمّاة تجاوزاً «هاي واي» وأيضاً أوتوسترادات، وكذلك الطرقات الدولية، وأيضاً تلك المصنفة طرقات داخلية وحتى الزواريب.
شبان وشيوخ يسقطون، رجال ونساء. عائلات. أشقاء. شقيقات يحصدهم منجل الموت على طرقات لبنان في أرقام ليس مسموحاً بأي شكل من الأشكال التعامل معها وكأنّها باتت أخباراً «عاديّة».
ومن أسف ممزوج بألم كبير بات ضحايا حوادث السير خبراً يومياً في وقت تحوّل القانون إلى مجرّد «باب جباية» لمداخيل ملحوظة لسنا نعرف كيف يُنفق مردودها الكبير، وأين؟ وإذ نتحدّث عن «المردود الكبير» نشير الى أنه في العام 2017 الماضي وحده أدخل قانون السير الجديد أموالاً ضخمة، معظمها «ضبط سرعة». بدليل أنّ 600 ألف محضر ضبط لمخالفات السير في العام 2017 وحده، ومعظم هذه المخالفات سُجّلت كـ«ضبط سرعة». وهي أرقام مرتفعة جداً.
فهل إن الغاية من قانون السير النافذ في السنوات الأخيرة هي فقط للجباية كما أسلفنا أعلاه؟ وهل بات دور السلطة أن تتحوّل الى «عداد» يسجّل يومياً أعداد الضحايا من قتلى وجرحى؟
وبموجب غرفة التحكم المروري فإن هذه الأرقام بلغت، منذ مطلع العام، وحتى الشهر الماضي 281 قتيلاً و 3432 جريحاً!
ولنتمعن، جيداً في هذين الرقمين: 281 قتيلاً و3432 جريحاً… وبعضهم أسفرت إصاباتهم عن إعاقات دائمة! وليؤذن لنا أن نسمي الضحايا شهداء. من دون أن يفوتنا أنّ السرعة والقيادة الرعناء والقيادة تحت مفعول الكحول تسهم كلها في أن يكون بعض الحوادث مميتاً.
أمّا لماذا هم شهداء فلأسباب عديدة:
أولاً – هل طرقاتنا كلُّها هي على المقاييس والمواصفات الدولية المعروفة؟
ثانياً – هل الإنارة متوافرة ليلاً على الطرقات، وبالذات «الهاي واي»؟
ثالثاً – هل رجال السير اختيروا على قاعدة التحصيل العلمي (… الجامعي، ولم لا؟!) أو إنهم متواجدون في مواقعهم عشوائياً.
رابعاً – هل شكلت هيئة رسمية مهمتها دراسة هذه الظاهرة القاتلة التي هي حوادث السير، بهدف التوصل الى نتيجة حاسمة في هذا الشأن تتدارك ما يمكن تداركه حرصاً على حياة عابري الطرقات سيراً على الأقدام أو في السيارات؟!.
وهذا يعني أنّ السلطات العامة والمحلية (البلديات في دوائرها المختصة على سبيل المثال) هي المسؤولة عن معظم حوادث السير التي تؤدي الى سقوط «الشهداء»؟
وأخيراً وليس آخراً رحم اللّه الرئيس فؤاد شهاب الذي قال ذات يوم: في بلدان العالم، خصوصاً تلك التي «اخترعت» السيارات وأنتجتها يقودون السيارة برؤوسهم، أما عندنا فيقودونها بأرجلهم.
ولو شئنا أن نطبّق قوانين السلامة العامة ونحقق العدالة لأقام الكثيرون من ذوي الضحايا الدعاوى على مسببي «قتل» أبنائهم لأنهم لم يؤهلوا الطرقات بما يحجب كثيراً من الدماء البريئة ويقي المئات من المواطنين من هذا الموت… المجّاني!