يرتدي الإنشغال المحلي بحركة الزوار الدوليين إلى بيروت طيلة ايام هذا الأسبوع، طابع التركيز على الواقع الإجتماعي للنازحين السوريين مع طي صفحة الخلاف المرتبط بالإستحقاق الرئاسي عشية الجلسة الرئاسية رقم 37. وقد عزت أوساط نيابية مطّلعة، هذا التركيز من قبل المرجعيات على صورة الأوضاع في سوريا وانعكاساتها المباشرة على لبنان، إلى حال المراوحة التي باتت تتحكّم بالكامل بالإستحقاق الرئاسي نتيجة فشل كل المحاولات الجارية لإحداث تغييرات نوعية في مشهد التحالفات السياسية. وأوضحت الأوساط أن تطرّق منسّقة السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني إلى الإستحقاق الرئاسي، يندرج في سياق الموقف الغربي عموماً، والأوروبي خصوصاً من هذا الملف، والذي يؤكد منذ أيار الماضي على ضرورة عدم إطالة أمد الشغور الرئاسي خشية انعكاس ذلك على المشهد العام، ولا سيما على الإستقرار.
ونقلت الأوساط عن مصادر ديبلوماسية، أن حركة الموفدين الدوليين دلالة واضحة على استمرار الأولوية لدى عواصم القرار للإستقرار اللبناني من دون الدخول في أية تفاصيل سياسية، وخصوصاً في الخلافات المحلية التي تشكل العقبة الأولى أمام حصول الإنتخابات الرئاسية. وأكدت أن المظلّة الدولية التي ساهمت في إبقاء الغطاء قائماً في لبنان، لم تتعرّض لأي تحوّلات بارزة، ذلك أن الحرص الغربي، وتحديداً الأميركي، على حماية المعادلة اللبنانية، يدفع نحو إبقاء الستاتيكو الداخلي على حاله، رغم الجمود في الملف الرئاسي. وشدّدت على أن المظلّة الدولية لا تستهدف فقط حماية النازحين السوريين على الأراضي اللبنانية، بل هي تتخطى هذا العنوان إلى ضرورة إبعاد الساحة اللبنانية عن كل تعقيدات المنطقة التي تُترجم صراعات دموية في أكثر من ساحة إقليمية.
وتوقّعت الأوساط النيابية نفسها، أن تصب زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى بيروت يوم الجمعة المقبل في هذا الإطار أيضاً، لافتة إلى أن تمكين لبنان من الإستمرار في تحمّله أعباء النازحين السوريين، وحماية أمنه في وجه الإرهاب التكفيري، هو في مقدمة الإهتمامات الدولية، إلى جانب مسألة الرئاسة، وذلك في ضوء القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي بوجوب الإسراع في ملء الفراغ في الرئاسة الأولى. كذلك، لفتت إلى أن توقيت الزيارة الذي يتزامن مع انطلاق عجلة التسويات في المنطقة بدءاً من المفاوضات السورية مروراً بالإنسحاب الروسي من سوريا وصولاً إلى التقارب التركي ـ الإيراني، سيساهم في إعطاء دفع معنوي للأطراف اللبنانية لتشجيعها على الدخول في تسويات داخلية تؤدي إلى إتمام كل الخطوات اللازمة لتسهيل الإتفاق على إجراء الإنتخابات في أسرع وقت ممكن.
وإنطلاقاً من هذه الصورة، توقّعت الأوساط النيابية ذاتها، أن تكون للقاءات الأمين العام للأمم المتحدة مع المسؤولين اللبنانيين، انعكاسات على مجمل الأجندة السياسية، وخصوصاً الإستحقاق الرئاسي. لكنها استدركت مخفّفة من نتائج هذه الزيارات الدولية وعدم المبالغة في البناء عليها لإحداث ثغرة في جدار الإستحقاق المسدود، مشيرة إلى أن أكثر من زائر دولي قد أعرب بوضوح عن اعتقاده بأن السباق الرئاسي هو لبناني بامتياز، وبأن أي تدخّل خارجي يأتي في سياق معالجة أي تطوّر دراماتيكي مرتبط بالوضع الأمني لا أكثر ولا أقلّ.