تسير الإجراءات العملية لتلزيم مراكز المعاينة الميكانيكية بشكل منتظم. فبعد أن وقعت هيئة إدارة السير على نتيجة المناقصة، ثم طلبت من الشركة الفائزة مباشرة العمل، لم يعد ينقص سوى أن تسلم شركة «أس جي أس» نسخة عن أمر المباشرة بالعمل إلى شركة «فال» وتتفق معها على موعد تسليم وتسلم مراكز المعاينة الميكانيكية الأربعة.
بعد ذلك، سيكون على الشركة الجديدة أن تبدأ ببناء المراكز الثمانية التي ينص عليها دفتر الشروط، إضافة إلى تجهيز المنافذ البرية والبحرية الخمسة بمراكز لمعاينة السيارات المستوردة. ويفترض أن تبنى المراكز خلال 250 يوماً من لحظة استلام الأرض من البلدية المعنية، على أن يليها البدء بإعادة تأهيل المراكز الحالية بما يتطابق مع المراكز الأخرى.
يؤكد رئيس مجلس إدارة شركة «فال» وليد سليمان لـ «السفير» أن الشركة لم تتسلم أي رسالة أو طلب من «أس جي أس». كما لم تتبلغ من هيئة إدارة السير أي شيء من هذا القبيل، لكن بالنسبة للأخيرة فإن «فال» صارت «الشركة السابقة» التي يفترض أن تبلّغ من «الشركة الحالية» بموعد مباشرة العمل. وهو موعد تؤكد مصادر «أس جي أس» أنه سيكون قريباً جداً.
وبذلك، يتبين أن الدعاوى المكثفة، التي رفعتها الشركات المتضررة أمام مجلس شورى الدولة أو أمام النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة، لم تؤثر على المسار الإداري للمناقصة، من دون أن يعني ذلك أن الملف القضائي قد أقفل.
وبعد أن رد مجلس الشورى الدعاوى المرفوعة أمام قضاء العجلة، إما «لعدم الاختصاص بالشكوى المتعلقة بإخلال هيئة إدارة السير بمبدأ المنافسة العلنية» أو بسبب توقيع العقد، كون قضاء العجلة «يتعلق بالتنازع قبل التعاقد في الصفقات العمومية»، صارت القضية أمام قضاء الأساس.
واستكمالاً للدعاوى والكتب التي ترفعها تحديداً شركتا «فال ـ سوبال» و«جودة ـ أبلوس» إلى الجهات المعنية والجهات الرقابية، علمت «السفير» أن وكيل شركة «فال» وجّه رسالة إلى مدير عام المناقصات جان العليّة، أمس، يطلب فيها «تصحيح المخالفة الجسيمة المرتكبة من قبلكم (إرسال ملف المناقصة الى هيئة إدارة السير بدل مجلس الوزراء)، واسترداد كامل ملف المناقصة وإرساله الى مجلس الوزراء كما يفرضه عليكم دفتر الشروط وذلك بمهلة ثلاثة أيام من تاريخه، محتفظين في حال تخلفكم، بحق اتخاذ الإجراءات القانونية كافة بحقكم، وتحميلكم شخصياً العطل والضرر».
أما وكيل «جودة ـ ابلوس» فوجه كتاباً إلى هيئة إدارة السير، بالمضمون نفسه، طالباً «إعادة ملف المناقصة إلى مقام مجلس الوزراء مع اقتراح التريث بالتصديق على نتائجها منعاً من أي مسؤوليات تترتب على المؤسسة والقيمين عليها أو على المال العام».
وتشير «جودة ـ أبلوس» في كتابها، الذي أرسلت نسخة منه إلى كل من النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة ووزارة الداخلية والأمانة العامة لمجلس الوزراء، إلى أنه «إذا أقدمت هيئة إدارة السير على توقيع الصفقة بالرغم من كونها المرجع غير الصالح للتوقيع، ودون عرض ملف المناقصة على ديوان المحاسبة في إطار رقابته المسبقة، فإن المستدعي سيتقدّم بمراجعة أمام النيابة العامة المالية والنيابة العامة لدى ديوان المحاسبة «لملاحقة من أبرم أو نفّذ هذه المناقصة، بالإضافة إلى التقدم بمراجعة لإبطال العقد أو بمراجعة قضائية شاملة لإنهاء مفاعيل الصفقة والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن إبرامها خلافاً للأصول».
يركز المتضررون في شكاويهم على اعتبار أن هيئة السير ليست المرجع الصالح لتوقيع المناقصة ويضعون اللوم على إدارة المناقصات التي أرسلت نتيجة المناقصة إلى الهيئة بدلاً من مجلس الوزراء، «في مخالفة للمادة 28 من دفتر الشروط (عند انتهاء جلسة التلزيم يرفع رئيس لجنة التلزيم محضر التلزيم إلى إدارة المناقصات التي ترفعه بدورها إلى مجلس الوزراء وتبلغ هذه النتيجة إلى هيئة إدارة السير والآليات والمركبات لإجراء المقتضى القانوني)، وفي مخالفة لقرار مجلس الوزراء الذي يشير إلى أن الدولة هي صاحبة المشروع وليس هيئة إدارة السير، إضافة إلى إشارة القرار نفسه إلى «تكليف إدارة المناقصات بإطلاق المناقصة المفتوحة ورفع النتائج إلى مجلس الوزراء خلال مهلة ثلاثة أشهر».
بالنسبة لهيئة إدارة السير، فإن الثقة مطلقة بأن المناقصة نفذت وفق أفضل المعايير العالمية، أضف إلى تأكيدها على المسار القانوني الذي تسير به هذه المناقصة، وصولاً إلى توقيعها على نتيجتها بوصفها المرجع المختص.
يدخل رئيس مصلحة تسجيل السيارات أيمن عبد الغفور مباشرة في الموضوع: الهيئة هي مؤسسة عامة إحدى مهامها هي المعاينة الميكانيكية، كون دائرة الميكانيك تتبع لها. هذا يعني، بالنسبة إلى عبد الغفور المكلف من إدارة الهيئة متابعة إجراءات المناقصة، أن إدارة السير هي المرجع المختص بتوقيع الصفقة، التي أجريت المناقصة لمصلحتها.
أما المادة 28 من دفتر الشروط، التي يعتمدها المتضررون ليخلصوا إلى أن مجلس الوزراء هو صاحب الصلاحية بالتوقيع، فيراها عبد الغفور تأكيد على العكس. إذ إن الإشارة إلى إرسال إدارة المناقصات في التفتيش المركزي نتيجة المناقصة إلى مجلس الوزراء، يعود إلى كونها تتبع له قانوناً، ولا يهدف ذلك إلى أخذ موافقته. ويسأل عبد الغفور: ماذا تعني الإشارة، في دفتر الشروط، إلى إرسال النتيجة إلى هيئة إدارة السير «لإجراء المقتضى القانوني»، ليجيب بنفسه إن ذلك يعني أمراً من اثنين إما أن تصادق على النتيجة، وبالتالي تبدأ إجراءات التلزيم أو ترفضها مع تعليل رفضها.
بالنسبة للهيئة، فإن إشارة قانون المحاسبة العمومية إلى أن الاتفاقات بالتراضي تحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء هي تأكيد إضافي على أن المناقصات ليست بحاجة إلى ذلك.
ذلك يفتح باباً على اعتراض آخر للشركات يتعلق بالإبقاء على شركة «vivauto» في المناقصة بالرغم من أنها كانت تعمل كاستشاري وشاركت في وضع دفتر الشروط، منعاً من الإبقاء على عارض واحد، وهو ما يؤدي عملياً إلى إلغاء المناقصة.
يجزم عبد الغفور أن الشركة لم تتدخل في دفتر الشروط لا من قريب ولا من بعيد، بل «كانت تقوم بمهام الإشراف على تنفيذ عقد المعاينة الميكانيكية حصراً وقد انتهى عقدها في نهاية حزيران 2015». ويوضح أن شرط عدم مشاركة الاستشاري الذي يعمل على دفتر الشروط لا يطال vivauto، التي كانت تراقب وتشرف على عمل «فال»، مشيراً إلى أنه لو كان ثمة ما يمنعها من المشاركة في المناقصة، فكان الأولى أن تمنع «فال» أيضاً.
في الإشكال المتعلق بصلاحية ديوان المحاسبة أي الرقابة على نتيجة المناقصة، تختصر هيئة إدارة السير النقاش بالعودة إلى المادة 26 من النظام العام للمؤسسات العامة («… تخضع المؤسسات العامة لرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة»). لكن المعترضين يجزمون، في المقابل، أن هذا الموقف خاطئ، لان إخضاع المؤسسات العامة لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة مقرر بنصٍ تشريعي، وإن إلغاء هذه الرقابة إنما يجب أن يتمّ صراحة لا أن يؤخذ بالاستنتاج، كما حصل مع مؤسسات عديدة كـ «أوجيرو» أو «كهرباء لبنان» أو «المجلس اللبناني للاعتماد».