لا يُمكن لخصوم العماد ميشال عون أن يجدوا طريقة لإعلامه بـ «قرار سحقه»، أبلغ من تلك التي اعتمدها وزير الدفاع سمير مقبل حين تجاهل كلام وزير الخارجية جبران باسيل، في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، عن «إعطاء التيار مهلة يومين، لأن هناك مبادرة يُمكن أن تصل بنا إلى حل لملف التعيينات». قرّر مقبل، «في ليلة ما فيها ضو قمر»، تأجيل تسريح قائد الجيش ورئيس الأركان والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع لمدة عام.
في الكواليس، لا تخفي مصادر بارزة في تيار المستقبل أنّ «هناك قراراً إقليمياً ــــ دولياً بمحاصرة عون ومنعه من نيل أي مطلب في المراكز العسكرية والأمنية، وكتحصيل حاصل في رئاسة الجمهورية». ما يؤكّد ذلك أنه قبل «قرار منتصف الليل» بدا أن هناك أملاً في التوصل الى حل لمسألة التعيينات، وقبول الرابية واحداً من المخارج التي كانت مطروحة، ولكن فجأة، دارت محرّكات التنسيق دفعة واحدة بين كل المكوّنات الحكومية باستثناء حزب الله: الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري، والنائبان وليد جنبلاط وسامي الجميل والرئيس السابق ميشال سليمان. قرّر الجميع «قرص» العماد عون لايقاظه من «حلمه» في التعيينات، برغم علمهم بخطورة مفاعيل ذلك على الحكومة وفي الشارع.
بالنسبة إلى فريق 14 آذار، وتحديداً تيار المستقبل، «خيار تأجيل التسريح كان متوقعاً».
لا يخفي هؤلاء فرحتهم بـ «الكفّ الذي أكله التيار»، مؤكدّين أن «ما حلّ بالرجل نتيجة طبيعية لإصراره على انتهاج سياسات بعيدة عن الواقع. فالبلد بأمه وأبيه يعلم أن التمديد واقع، فيما كان هو مصمّماً على قراءة الواقع خارج ميزان القوى القائم في لبنان والمنطقة».
المصادر البارزة في المستقبل تشير الى «تفاهم سنيّ ــــ شيعي لا يُمكن مواجهته، مبني على عدم الذهاب الى أي تغيير أمني أو عسكري أو حتى سياسي غير مضمون النتائج. كان يفترض بالجنرال أن يدرك ذلك منذ الخسارة التي مُني بها حين لم يتمكن من مواجهة التمديد النيابي، بعدما سار فيه تيار المستقبل وحزب الله معاً»، و«لم يستطع الوقوف في وجه قرار التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي سابقاً». فالأخير، بحسب المصادر، «صمام أمان للشارع السنّي والمقاومة في آن واحد. الطرفان مرتاحان لأدائه، ولا أحد في وارد المخاطرة بتجربة خيار جديد».
صحيح أن ما يجمع «التكتّل الخماسي» الذي وقف في وجه عون هو الودّ المفقود بين أركانه والعماد عون، ولكن، بحسب المصادر المستقبلية، لم يكُن لهذه القوى أن تأخذ على عاتقها هذا الحمل لولا «الضوء الخارجي الأخضر، لأن هناك قراراً خارجياً بكسر عون»، مشيرة الى أنه «حتى حزب الله لم يقف إلى جانبه كما يجب. صحيح أنه لم يتركه، لكنه لم يحم ظهره على نحو حاسم».
لا تخفي المصادر شعورها بالنشوة الى حدّ القول إن «عون انتهى». فهو «خسر معركته في وجه جان قهوجي، الشخصية المارونية المتوجّة على أهم موقع مسيحي بعد رئاسة الجمهورية». والاشارة، المحلية والسعودية، واضحة لكل من يريد أن يقرأ: «القائد المسيحي الذي يُمنع عليه تسمية قائد جيش، لن يستطيع أن يكون رئيساً للجمهورية. ما حصل ليس أقل من رسالة رئاسية، ومن يفهمها غير ذلك فهو مُخطئ. عون بعد هذه الضربة لم يعُد لاعباً أساسياً، بل متفرّجا على مقاعد الاحتياط»!