Site icon IMLebanon

«الصفعات» البلدية تُلاحق «حزب الله»

مخاتير وبلديات فيّاض لـ «المستقبل»: الشيعة استعادوا عروبتهم وزمام المبادرة

«الصفعات» البلدية تُلاحق «حزب الله»

«حزب الله» لم يعد مُرتاحاً لوضعه الحالي. جملة تختزل ما آلت اليه الأمور مع حزب راهن لفترة تزيد على ثلاثين عاماً على اسر طائفة بأمها وأبيها وجعلها طيلة هذه المدة مطية وملحقة وتابعة لقرارات وفتاوى تأتي مُعلّبة من الخارج، مرّة تحت مُسمّى «التكليف الشرعي» ومرّات من خلال شيطنة خصوم وخلق أعداء لها بتسميات متعددة وأشكال متنوّعة، فقط من أجل إرهابها وضمان سيطرته عليها بوسائل عدّة منها الترغيب والترهيب.

الأزمات والإنتكاسات، كلمتان تختصران وضع «حزب الله» اليوم، سواء على الصعيد العسكري وذلك من خلال تدخله في الحرب السورية، أو من خلال ممارساته السياسية الخاطئة والتي أوصلته وقت أصبح مُجبراً فيه على أن يُقيم من الآن وصاعداً ألف حساب لفئة واسعة من الناس سواء من داخل الطائفة الشيعية أو خارجها، ما عادت تخضع لترهيب السلاح ولا تخشى الممارسات القمعية أو التهديدات العلنية والمُبطنة.

بعد وقوف جزء غير قليل من العائلات والعشائر والمجتمع المدني والحالات الفردية بوجه «حزب الله» ولوائحه الإنتخابية في كل من الغبيري والبقاع، ها هو الجنوب يسير على الخط نفسه أو على الرفض نفسه لمبدأ الآحادية التي يُمارسها الحزب في معظم الأقضية والقرى حيث تمثّل هذا الرفض بوقوف لوائح منافسة له في أكثر من بلدة كان يعتبرها حكراً عليه أو حتّى نقطة إرتكاز لمقاومته، فجاءت النتائج مُذهلة بعدما عبّرت شريحة واسعة من الجنوبيين عن رفضها للسياسة «الجنونية» التي يقودها بها «حزب الله»، وذلك من طريق تحالف العائلات ورفع اعلام ملوّنة تعكس رفض هؤلاء للّون الأسود الذي أصبح شعاراً يُرافقهم منذ اليوم الأول لولادتهم وحتى لحظة مماتهم.

مع الإنتهاء من عملية فرز معظم صناديق الإقتراع في الجنوب، أدرك «حزب الله» أن لعبة التجييش المذهبي والطائفي واللعب على غرائز الناس من خلال إستخدام «الشهداء» والجرحى لشد عصبهم لم تعد تنفع وكذلك عملية إستحضار واقعة من هنا أو بطولة وهمية من هناك، جميعها أمور أصبحت من آخر إهتمامات أهل الجنوب الذين يجتاحهم همّ واحد هو التخلّص من «الخدمة الإلزامية» لأبنائهم في سوريا، ومن هنا فإن كل صوت إنتخابي نزل لصالح غير الحزب، هو عبارة عن صرخة ألم ووجع من أمهات وآباء وأبناء في وجه الموت المُغلّف بعبارات «النصر» و»الإنتصار» و»الكرامة» و»العزّة» و»الشرف» وصولاً إلى آخر المعزوفة، لأن كل هذه العبارات صُنعت على حساب دمائهم وآلامهم وأحلام أطفالهم.

بالأمس إستشعر «حزب الله» مدى رغبة الجنوبيين بالخروج من عزلتهم ومن شبكة الموت التي تصطاد أبناءهم خارج أرضهم وبفك الحصار عنهم. للمرة الأولى منذ أن إستولى على القرار الجنوبي خُرقت لوائح الحزب الواحد في أكثر من قرية، فمن صريفا إلى أنصار إلى بلدة دير الزهراني وكفررمان والزرارية وعدلون ودير سريان إلى صفد البطيخ وكفرحمام والطيبة وتفاحتا وعين بعال والهبارية فراشيا الفُخّار وكفرشوبا وانصارية ، كانت كلمة «لا» واضحة وعلنيّة. والدلالة على كسر الجنوبيين لحاجز الخوف من هيمنة السلاح والتسلّط والتهويل و»التكليف الشرعي» أيضاً، تمثّلت بتأليف لائحة منافسة لـ»حزب الله» في بلدة البازورية مسقط رأس الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله.

كل هذه التبدلات والتغيرات في الواقع الشيعي من بيروت إلى البقاع فالجنوب، تُشير اليها الاستاذة الجامعية منى فيّاض على انها إستخلاص بأن جزءا كبيرا من هذه الطائفة ينادي بالدولة المدنية لا الحزبية ولا الطائفية خصوصاً بعدما لمست غياب رئيس للجمهورية وتأجيل الإنتخابات النيابية وتهديد حزب الله للوضع الإقتصادي الذي هو متردٍ أصلاً. يبدو أنه قد آن الأوان لإعلاء الصوت والمُطالبة بكف يد الحزب عن الدولة ومؤسّساتها».

وعن الخروق التي حصلت في اكثر من قرية جنوبية وقبلها بقاعية وكثافة الأصوات التي صبّت لغير صالح الحزب في منطقة الغبيري، تلفت فيّاض إلى أن «هناك حركة مدنية ظهرت في داخل الطائفة الشيعية أخيراً، قررت أن تقف بوجه «الجهاد» الذي يُمسك بالجنوب والبقاع والضاحية منذ عقود تحت حجج ومسميات. بالأمس شهدنا تغييراً هائلاً في الجنوب لأن هناك فئة ترفض المكان الذي يأخذها اليه الحزب، وهنا اقصد سوريا. وهؤلاء عبروا عن هذا الرفض من خلال رفضهم للسياسين المُمثلين لهذا الحزب في مناطقهم».

وترى أن «كسر الناس لحاجز الخوف ولتسلط السلاح في الجنوب، هو نتيجة الآفق المسدود في سوريا. ففي البداية أخاف «حزب الله» الناس وزرع في قلوبهم الرعب بعدما أوهمهم أن «داعش» سيقتلهم، ليتبيّن لاحقاً أننا من أكثر البلدان التي تستطيع الوقوف بوجه هذا التنظيم الإرهابي بواسطة الجيش والقوى الامنية»، جازمة بأن «حزب الله يُعطّل البلد بإنتظار الحل في سوريا، لكن يبدو أن الأمور هناك لن تنتهي قبل سنوات عديدة كون الوضع مفتوحاً، كما وأن الناس أدركت أن الحزب يأخذ البلد إلى مهوار وهذا يُستخلص من خلال صورة واضحة تؤكد أن الأموات الذين يعودون من سوريا هم أكثر من أعداد العناصر الذين يذهبون للقتال حالياً«.

وبرأيها أن «الناس الذين خرقوا لوائح «حزب الله» قالوا له التالي: نحن لسنا ضد المقاومة، لكنك أنت لم تعد مقاومة، وهذا معناه أيضاً أن الناس «مش ظابطة معها» هذه المعزوفة خصوصاً بعد كلام السيد حسن نصرالله بـ»أن تحرير القدس يمر بالقصير وحمص وحماه». هؤلاء قالوا له إن الفتاوى والأمور التنظيمية وعبارة الحزب الأوحد وجند الله على الأرض، لم تعد فاعلة. و»البروباغندا» التي يقوم بها «حزب الله» منذ نحو ثلاثين عاماً، لم تعد تنفع اليوم، فالناس أصبحت تريد ان تُقرّر هي مصيرها لا الحزب ولا غيره، والحزب الذي قام على أساس أنه مقاومة وانه الوحيد الذي قام بهذا الفعل، هناك أصوات فنّدت له وقائع وأعطته أدلّة ملموسة حول تاريخ المقاومة وتأسيسها والشهداء الذين سقطوا قبل أن يولد حتّى«.

وتخلص فيّاض في حديثها إلى أن «حزب الله قائم على الدعاية وليس أكثر، فالناس بدأت تكتشف أنه مجرد أداة إيرانية على عكس ما يُريده الشيعة أو مُعظم الشيعة. والواقع الشيعي لم ينهض بعد لأن حزب الله قضى على جزء كبير من الشباب، لكن في المقابل هناك إستعادة لجزء صغير من الدور الطبيعي. انظروا الى المدارس والمؤسسات التي يُقيمها الحزب. إنظروا إلى الكشّافة الصغار الذين يُدربهم على الموت. إنظروا الى التلاميذ الصغار الذين استبدلوا مقاعد الدراسة براتب شهري يراوح بين ثلاثمئة وأربعمئة دولار شهرياً. انظروا إلى المخدرات ضمن مناطق الطائفة الشيعية التي أعادها الحزب هي أيضاً، خمسين عاماً إلى الوراء. اليوم إستعاد الشيعة وطنيتهم وعروبتهم وزمام المبادرة.»