سواء تم استهداف منشأتي أرامكو بـ»صواريخ عابرة» بحسب تصريح مسؤول أميركي مجهول لوكالة فرانس برس، أطلقت من إيران، أم بصواريخ أطلقت من العراق و»لفّت من فوق الكويت» لتسقط في السعوديّة، وبصرف النّظر عن زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو للعاصمة السعودية الرياض اليوم، فقد وجدت أميركا المخرج لحالة «الحرج» التي تشعر بها بعد استهداف منشأتيْ أرامكو، ليطمئن الجميع أميركا تحرّكت للردّ على إيران خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل في نيويورك وهي «تُعدّ ملفّاً لإثبات معلوماتها ـ إطلاق الصواريخ من إيران ـ وإقناع المجتمع الدولي خاصة الأوروبيين بذلك»، قبّح الله وجه الأميركان ومن يصدّقهم!
ضرب إيران ردّاً على ارتكاباتها الإرهابية بحقّ السعوديّة صعب جدّاً، المشكلة ليست فيمن سيتولّى توجيه الضربة ولا في الموقف والابتزاز الأميركي ولا في نأي الأوروبيّين بدولهم، السؤال الحقيقي الذي يجب طرحه: إيران لن تسكت في حال تعرّضت لضربة عسكريّة في أي شكل كان، وهي ستردّ ويعرف الجميع أن الصواريخ الإيرانيّة تطال منطقة الخليج كلّها، فكم صاروخ تستطيع شعوب الخليج العربي أن تتحمّل في اليوم في حال قررت إيران الردّ بقصف دول الخليج وصرفت النّظر عن استهداف السفن الحربية الأميركيّة التي تقول أنّها في مرمى نيرانها؟ للأسف لن تحتمل شعوب الخليج سقوط الصواريخ الإيرانيّة على أراضيها، وأغلب الظنّ أنّ هذا سبب رئيسي يعطّل الردّ على «رعونة المغامرة» الإيرانية!
إيران شبه مطمئنّة بأنّ عرب الخليج «أعجز» من أن يهبّوا لمواجهتها دفاعاً عن أمن منطقتهم، وهي شبه متأكدّة من تعقّل الأميركي بالرّغم من صخبه الشديد، وأنّه يحسب ألف حساب قبل التورّط في المنطقة! إيران قادرة على إحراق المنطقة ولكن ما بإمكان العرب وحليفهم الأميركي أن يفعلوا؟ هل جُلّ ما يستطيعون فعله هو انتظار إشعال إيران لنيران الحريق في دولهم وخليجهم وثيابهم أيضاً؟!
إيران «ناوية عالشرّ»، في الأساس هي دولة «الشرّ» في المنطقة، وحقيقة أن عرب الخليج لا يجرؤون على خوض حرب مباشرة مع إيران، واضحة وضوح الشمس، لم تعد تملك إيران إلا خيار الإنتحار ونحر المنطقة بطريقة مدمّرة، وبالأساس إيران بدأت حياتها منذ مجيء الخميني كدولة تصدير للإرهاب وتزرع التخريب والاضطرابات في المنطقة، النّظام الإيراني لا يستمرّ إلا على دماء الآخرين، منذ مجيء الخميني لم يملك الملالي مشروعاً حقيقيّاً غير إراقة الدّماء في المنطقة التي أمضى أربعين عاماً وهو يستثمر فيها مليارات الشعب الإيراني المنهوبة!
ما علينا اليوم سوى مراقبة حركة وزير الخارجيّة الأميركي ولقاءاته في الريّاض لأنّه من المؤسف أنّ بعض العرب ما يزال يصدّق وقوف الأميركي في وجه إيران، وربما يصدّق أنّ اندلاع مواجهة بين أميركا وإيران أمرٌ وارد جداً وهذا مؤسف جداً، للحقيقة لقد تأخّر الوقت كثيراً لإيجاد حلٍّ لمعضلة إيران وأذرعها التي تستهدف المنطقة، ونقول تأخّر كثيراً بالرّغم من أنّ قناعتنا أن الأوان قد فات على أن يقدر العرب ـ ومجتمعين ـ على هزّ شعرة واحدة في رأس النّظام الإيراني فهذا إرهاب عمره أربعون عاماً، إرهاب حرث وبذر وسقى وطلع زرعه وأثمر وهو يحصد الآن ما زرعه، فكيف يواجه في اللحظات الأخيرة، ومن أين تبدأ المواجهة؟